قوله: "لثقة من صَمَدَ إليه" أي لثقة من قصد به إليه، من: صمده يَصْمده صمدًا: إذا قصده.
ص: فإن قال قائل: أما حديث عمرو بن حزم فقد اضطرب واختلف فيه، فلا حجة فيه لواحد من أهل هذه المقالات، وغيره مما روي في هذا الباب أولى منه.
قيل له: من أين اضطرب حديث عمرو بن حزم، أما قيس بن سعد فقد رواه عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزم على ما قد ذكرناه عنه، وقيس حجة حافظ.
وأما حديث الزهري الذي خالفه، فإنما رواه عن الزهري من لا تقبلون أنتم روايته عن الزهري لضعفه عندكم.
وأما حديث معمر فالذي رواه عن عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه، وعبد الله بن أبي بكر فليس في الثبت والإتقان كقيس بن سعد.
ولقد حدثني يحيى بن عثمان، قال: سمعت ابن الوزير يقول: سمعت الشافعي يقول: سمعت سفيان ابن عيينة يقول: "كنا إذا رأينا الرجل يكتب الحديث عن واحد من أربعة -ذكر منهم: عبد الله بن أبي بكر- سخرنا منه؛ لأنهم كانوا لا يعرفون الحديث، فلما لم يكافئ عبد الله بن أبي بكر قيسًا في الضبط والحفظ صار الحديث عندنا ما رواه قيس؛ لاسيما وقد ذكر قيس أن أبا بكر بن محمَّد كتبه له، وبالله التوفيق. هذا آخر كتاب الزيادات.
ش: حاصل السؤال أن يقال: إنا إذا سلمنا انقطاع الأحاديث المذكورة، فنقول: حديث عمرو بن حزم الذي احتججتم به أنتم أيضا لا يصلح للاحتجاج؛ لاضطرابه والاختلاف فيه، فإذًا لا تقوم به حجة لأحد منا ومنكم، ويكون غير حديث عمرو بن حزم أولى منه؛ لعدم الطعن المذكور.
والجواب عنه ظاهر، وهو في الحقيقة جواب عن طريق المنع، وبَيَّنَ ذلك بقوله: "أما قيس .. إلى آخره".