من العشرين والمائة ابنة لبون، ولم يجعلوا في البعير الزائد على ذلك شيئًا، فلما ثبت أن الفرض فيما قبل العشرين والمائة لا ينتقل إلا بما يجب فيه جزء من الفرض الواجب به، وكان البعير الزائد على العشرين والمائة لا يجب فيه شيء من فرض، ثبت أنه غير مغير فرض غيرها عما كان عليه قبل حدوثه؛ فثبت بما ذكرنا قول من ذهب إلى المقالة الثالثة، وممن ذهب إليها أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي فلما اختلف أصحاب المقالات الثلاثة في الحكم المذكور؛ وجب النظر فيه ليستخرج من الأقوال الثلاثة قول يعول عليه، ويرجع إليه.
قوله: "فرأيناهم" أي أصحاب المقالات الثلاثة، والباقي كله ظاهر.
والتحقيق في هذا، أن هذا باب لا يجري فيه قياس ولا يعرف فيه بالاجتهاد والترجيح في مثل هذا بين الأقوال، يكون بقوة الأثر، ولما كان وجوب الحقتين في المائة والعشرين ثابتا باتفاق الأخبار وإجماع الأمة لا يجوز إسقاطه إلا بمثله، وبعد المائة والعشرين اختلفت الآثار، فلا يجوز إسقاط ذلك الواجب عند اختلاف الأقاويل بالعمل بحديث عمرو بن حزم، على أنا قد عملنا بما استدل به الخصم لأنا أوجبنا في الأربعين بنت لبون، فإن الواجب في الأربعين ما هو الواجب في ست وثلاثين، وكذلك أوجبنا في خمسين حقة وحديث الخصم لا يتعرض لنفي الواجب عما دونه، وإنما عمل الخصم بمفهوم النص، فنحن عملنا بالنصين، وهو أعرض عن العمل بما ذهبنا إليه.
ص: وقد روي في ذلك أيضًا عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -.
حدثنا إسماعيل بن إسحاق بن سهل الكوفي، قال: ثنا أبو نعيم، قال: ثنا عبد السلام بن حرب، عن خصيب، عن أبي عبيدة وزياد بن أبي مريم، عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "في فرائض الإبل إذا زادت على تسعين ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا بلغت العشرين والمائة استقبلت