الأول: معناه طيبوا أنفسًا بالصداق كما تطيبون بسائر النحل والهبات.
الثاني: معناه: نحلة من الله للنساء؛ فإن الأولياء كانوا يأخذونها في الجاهلية [فانتزعها الله سبحانه منهم ونحلها النساء.
الثالث: أن معناه عطية من الله فإن الناس كانوا يتناكحون في الجاهلية] (?) ينكحون بالشغار ويخلون النكاح من الصداق، ففرضه الله سبحانه ونحله إياهن.
وقال الجصاص في "أحكامه": روي عن قتادة وابن جريج في قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} (?) قالا: فريضة، كأنهما ذهبا إلى نحلة الدين، وأن ذلك فرض فيها قوله تعالى: {عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ} (2) أي من المهر، وقد دلت الآية على جواز هبة المرأة مهرها للزوج والإباحة للزوج في أخذه ولا حاجة في ذلك إلى استئمار من أحد.
قوله: " {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} " (?) المس هاهنا كناية عن الجماع، والواو في قوله: {وَقَدْ فَرَضْتُمْ} (3) للحال.
قولة: {إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ} (3) أي: النساء، وفيه هن ضمير مستكن، وهذه الصيغة يستوي فيها المذكر والمؤنث، ويفرق في التقدير.
ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام- ما يوافق هذا المعنى أيضًا وهو ما قد رويناه عنه في كتاب "الزكاة" في امرأة عبد الله بن مسعود حين أخذت حليها لتذهب به إلى رسول الله -عليه السلام- لتتصدق به.
فقال عبد الله: "هلمي فتصدقي به عليَّ، فقالت: لا حتى استأذن رسول الله -عليه السلام-، فجاءت رسول الله -عليه السلام- فاستأذنته في ذلك فقال: تصدقي به عليه وعلى الأيتام الذين في حجره فإنهم له موضع".