وأخرجه الطبراني (?): ثنا علي بن عبد العزيز، نا حجاج بن المنهال، نا حماد بن سلمة، أنا خالد الحذاء، عن أبي العلاء، عن مطرف بن عبد الله، عن عياض بن حمار: "أنه سأل النبي -عليه السلام- عن اللقطة، فقال: تعرف ولا تغيب ولا تكتم، فإن جاء صاحبها، وإلا فمال الله يؤتيه من يشاء".
وهذا كما رأيت بَيْن أبي العلاء وبين عياض مطرف بن عبد الله، وليس هذا في رواية الطحاوي، وكل منهما قد روى عن عياض.
وفي هذا الحديث حجة لأصحابنا في قولهم: يجوز الالتقاط في كل شيء سواء كان من الصوامت والنواطق؛ لأن اللقطة أعَمُّ من الضالة وغيرها.
فإن قلت: كان أبو عبيد القاسم بن سلام يفرق بين اللقطة والضالة، فقال: الضالة لا تكون إلا في الحيوان، واللقطة في غير الحيوان، وقال أبو عبيد: إنما الضوال ما ضل بنفسه، وكان يقول: لا ينبغي لأحد أن يدع اللقطة، ولا يجوز لأحد أخذ الضالة.
قلت: قد قال جمهور أهل العلم: إن اللقطة والضالة سواء في المعنى، والحكم فيهما سواء، وكان الطحاوي يذهب إلى هذا أيضًا، وأنكر على أبي عبيد في قوله: "الضالة ما ضل بنفسه". وقال: هذا غلط؛ لأنه قد روي في حديث الإفك قوله للمسلمين: "إن أمكم ضلت قلادتها" فأطلق ذلك على القلادة، وأجاب أصحابنا عن الأحاديث المتقدمة التي ظاهرها المنع عن التقاط الإبل بأن ذلك فيما إذا كان صاحبه قريبًا منه، ألا ترى أنه قال: "حتى يلقاها ربها"، وإنما يقال ذلك إذا كان قريبا أو كان رجاء اللقاء ثابتًا ونحن نقول به، ولا كلام فيه، والدليل عليه: أنه لما سئل عن ضالة الغنم فقال: "هي لك أو لأخيك أو للذئب" ندبه إلى الأخذ، ونبه على المعنى، وهو خوف الضيعة، وأنه موجود في الإبل، فالنص الوارد فيها يكون واردًا في الإبل وسائر البهائم دلالة، إلا أنه -عليه السلام- فصل بينهما في الجواب من حيث