أن تأخذها لنفسك فتكون في يدك لأخيك، أو تخليها فيأخذ الذئب فيأكلها، أو يجدها ربها فيأخذها، ففي ذلك إباحته لأخذها.
ش: أي قيل لأهل المقالة الأولى في جواب احتجاجهم بالأحاديث المذكورة، وهو جواب بطريق المنع ووجهه ظاهر.
قوله: "الضَّياع" بفتح الضاد.
ص: وقد روي في ذلك أيضًا عن عبد الله بن عمرو عن النبي -عليه السلام-: ما حدثنا يونس، قال: أنا عبد الله بن وهب، قال: أنا عمرو بن الحارث وهشام بن سعد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص: "أن رجلًا من مزينة أتى رسول الله -عليه السلام- فسأله كيف ترى في ضالة الغنم؟ فقال: طعام مأكول، لك أو لأخيك أو للذئب، احبس على أخيك ضالته، قال: يا رسول الله، فكيف ترى في ضالة الإبل؟ فقال: "ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها، ولا يخاف عليها الذئب، تأكل الكلأ، وترد الماء، دعها حتى يأتي طالبها".
ففي هذا الحديث إباحة أخذ الضالة التي يخاف عليها الضياع وحبسها لربها، فدل ذلك أن معنى قوله -عليه السلام-: "ضالة المسلم حرق النار"، وقوله -عليه السلام-: "لا يؤوي الضالة إلا ضال" إنما أراد بذلك الإيواء والأخذ اللذين هما ضد الحبس على صاحب الضالة حتى يتفق معنى هذا الحديث، ومعنى ذينك الحديثين ولا تتضاد.
فيما بَيَّن -عليه السلام- في الإبل بقوله: "ما لك ولها؟ معها سقاؤها وحذاؤها ولا يخاف عليه الذئب" دليل على أنه لم يطلق له أخذها؛ لعدم الخوف عليها، وفي إباحته أخذ الشاة لخوفه عليها من الذئب دليل على أن الناقة كذلك إذا خيف عليها من غير الذئب أنَّ أخذها لصاحبها وحفظها عليه أولى من تركها وذهابها.
ش: أي قد روي فيما ذكرنا من أن أخذ ضالة الإبل للحفظ على صاحبها ليس بمأثوم، ومن إباحة ضالة الغنم وأن أخذها أولى من تركها عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما -.