حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يزيد بن هارون، وعبيد الله بن موسى العبسي. وحدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا محمد بن يوسف الفريابي، قالوا: أنا سفيان، عن أبي قيس، عن هزيل بن شرحبيل: "أُتي سليمان بن ربيعة وأبو موسى الأشعري في ابنة، وابنة ابن، وأخت، فقالا: للابنة النصف، وللأخت النصف، ثم قالا: ائت عبد الله بن مسعود فإنه سيتابعنا، فأتاه فقال عبد الله: لقد ضللت إذًا وما أنا من المهتدين ولكن سأقضي فيها بما قضي به رسول الله -عليه السلام-؛ للابنة النصف، ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين، وما بقي فللأخت".
حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا وهب بن جرير، قال: ثنا شعبة، عن أبي قيس، عن هزيل مثله.
ففي هذا الحديث أن رسول الله -عليه السلام- جعل الأخوات من قبل الأب مع الابنة عصبة، فصرن مع البنات في حكم الذكور مع الإخوة من قِبَل الأب، فصار قول رسول الله -عليه السلام- "فما أبقت الفرائض فلأولى ذكر رجل" لأنه عَصَبَة ولا عَصَبَة أقرب منه، فإذا كانت هناك عَصَبة هي أقرب من ذلك الرجل فالمآل لها، وعلى هذا ينبغي أن يحمل هذا الحديث حتى لا يخالف حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - هذا ولا يضاده، وسبيل الآثار أن تحمل على الاتفاق ما وجد السبيل إلى ذلك، ولا تحمل على التنافي والتضاد، ولو كان حديث ابن عباس على ما حمله عليه المخالف لنا لما وجب -على مذهبه- أن يضاد به حديث ابن مسعود؛ لأن حديث ابن مسعود هذا مستقيم الإسناد صحيح المجيء، وحديث ابن عباس مضطرب الإسناد؛ لأنه قطعه من ليس بدون مَن قد رفعه على ما قد ذكرنا في أول هذا الباب.
ش: أشار بهذا إلى صحة ما قاله من وجه النظر في توريث الأخت مع البنت في الصورة المتنازع فيها، وتأكيد ذلك بالآثار الصحيحة، فمن ذلك حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - فإنه صريح في أنه -عليه السلام- قد جعل الأخوات مع البنات عصبةً.