عليه ورضى من تجب له، فإذا ثبت ذلك في القتل، ثبت ما ذكرنا، وانتفى ما قال المخالف لنا.
ش: هذا جواب عن استدلال أهل المقالة الأولى المذكور، حاصله: أن قوله تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} الآية (?) يحتمل وجوهًا:
الأول: ما ذكره هؤلاء.
الثاني: يحتمل أن يكون معناه: فعفى عنه على مال يرضاه يؤخذ منه.
الثالث: يحتمل أن يكون ذلك في الدم بين جماعة، إذا عفى بعضهم تحول نصيب الآخرين مالًا، وقد رُوِيَ عن علي وعمر وعبد الله - رضي الله عنهم - ذلك؛ لأنه قال: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ} (1) وهذا يقتضى وقوع العفو عن شيء من الدم، لا عن جميعه، فيتحول نصيب الشركاء مالًا، وعليهم اتباع القاتل بالمعروف، وعليه آداؤه بإحسان.
فهذه تأويلات قد تأولوا هذه الآية عليها، فلا حجة فيها لبعض على بعض إلا بدليل آخر.
قلت: إذا سقط تأويل أهل المقالة الأولى، يتعين الباقي للعمل، ولا شك أن تأويلهم ساقط.
بيان ذلك: أن ظاهر الآية يدفعه ويرده؛ لأن العفو لا يكون مع أخذ الديّة؛ لأن النبي -عليه السلام- قال: "العمد قود إلا أن يعفو الأولياء" فأثبت له أحد الشيئين: قتل، أو عفو، ولم يثبت له مالًا.
فإن قلت: إذا عفى عن الدم بأخذ المال كان عافيًا، ويتناوله لفظ الآية.
قلت: إن كان الواجب أحد الشيئين فجائز أيضًا أن يكون عافيًا بترك المال، وأخذ القود، فعلى هذا لا يخلو الولي من عفو قتل، أو أخذ المال، وهذا فاسد لا يطلقه أحد. ومن جهة أخرى ينفيه ظاهر الآية، وهو أنه إن كان الولي هو العافي