ش: أراد بالقوم هؤلاء: سعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، ومجاهدًا، والشعبي، والأوزاعي، والشافعي، وأحمد، وأبا ثور، وإسحاق؛ فإنهم قالوا: وليُّ المقتول مخير بين هذه الأشياء الثلاثة، سواء رَضِيَ بذلك القاتل أو لم يرض.

وإلى هذا ذهب أهل الظاهر أيضًا.

وقال ابن حزم: صح هذا عن ابن عباس، ورُوِيَ عن عمر بن عبد العزيز وقتادة.

ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: ليس له أن يأخذ الديَة إلا برضى القاتل.

ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: إبراهيم النخعي، وعبد الله بن ذكوان، وسفيان الثوري، وعبد الله بن شبرمة، والحسن بن حَيّ، وأبا حنيفة، وأبا يوسف ومحمدًا -رحمهم الله- فإنهم قالوا: ليس لولي المقتول أن يأخذ الديَة إلا برضى القاتل، وليس له إلا القود أو العفو.

ص: وكان من الحجة لهم أن قوله: "أو يأخذ" الدية، قد يجوز أن يكون على ما قال أهل المقالة الأولى، ويجوز أن يأخذ الدية إن أعطيها كما يقال للرجل: خُذ بديتك إن شئت دراهم وإن شئت دنانير وإن شئت عروضًا، وليس المراد بذلك أنه يأخذ ذلك رضي الذي عليه الدين أو كره، ولكن يراد إباحة ذلك له إن أعطيه.

ش: أي وكان من الدليل والبرهان لأهل المقالة الثانية، وأراد بها الجواب عما احتجت به أهل المقالة الأولى من حديث أبي هريرة وأبي شريح الخزاعي، بيانه أن قوله -عليه السلام-: "أو يأخذ الدية" يحتمل معنيين:

أحدهما: ما قاله أهل المقالة الأولى، وهو أن يأخذها، رضي بذلك القاتل أو لم يرض.

والآخر: يحتمل معناه أن يكون يأخذها إن أعطيها يعني له ذلك إن أعطي، ومثل هذا له نظير في الكلام، وذلك كما يقال للرجل الذي له دين على آخر: خذ بدينك إن شئت دراهم، وإن شئت دنانير، وإن شئت عروضًا فإن معناه إباحة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015