فدل ما ذكرنا أن ذلك الجار الذي عناه رسول الله -عليه السلام- هو الجار الذي تعرفه العامة، ومن أعطاك أن الشريك يقال له: جار وأين وجدت هذا في لغات العرب؟ فإن قال: لأني قد رأيت المرأة تسمى جارة زوجها.
قيل له: صدقت، قد سُميت المرأة جارة زوجها، ليس لأن لحمها مخالط للحمه، ولا دمها مخالط لدمه، ولكن لقربها منه، فكذلك الجار سمي جارًا لقربه من جاره، لا لمخالطته إياه فيما جاوره به.
وأنت فقد زعمت أن الآثار على ظاهرها، فكيف تركت الظاهر في هذا ومعه الدليل، وتعلقت بغيره مما لا دلالة معه؟!.
ش: هذا القائل هو الشافعي، فإنه أَوَّلَ الجار في الأحاديث المتقدمة بالشريك، وقال: قد يقال للشريك جارٌ، ونفى الطحاوي هذا الإطلاق؛ حيث قال: قيل له -أي لهذا القائل: ما في الحديث ما قد يدل على شيء مما ذكرت- أي مما ذكرت من أن المراد من الجار الشريك.
ثم أخرج حديث أبي رافع -لكونه دالًا على أن ذلك الجار الذي ذكره رسول الله -عليه السلام- في الأحاديث المتقدمة هو الذي لا شركة له- عن أحمد بن داود المكي، عن يعقوب بن حميد بن كاسب المدني شيخ ابن ماجه، فيه مقال، عن سفيان بن عُيينة، عن إبراهيم بن ميسرة الطائفي، وثقه يحيى وغيره وروى له الشيخان، عن عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي الطائفي، قال العجلي: حجازي تابعي ثقة. روى له الجماعة الترمذي في "الشمائل"، قال: "أتاني المِسْوَر -بكسر الميم- بن مَخْرمة -بفتح الميم- بن نوفل، له ولأبيه صحبة.
وأبو رافع القبطي مولى النبي -عليه السلام-، يقال: اسمه إبراهيم، ويقال: أسلم، ويقال: ثابت، ويقال: هرمز.