ش: أي هذا كتاب في بيان أحكام الصرف، وهو من صرفت الدارهم بالدنانير، وبين الدرهمين صرف -أي فضل- لجودة فضة أحدهما.
والصرف عند الفقهاء هو بيع الثمن بالثمن، وفي اللغة هو النقل مما فيه نقل من يد إلى يد؛ ولهذا سمي مَنْ يتصرف فيه بالنقل صرَّافًا وصيرافًا وصيرفيًّا.
قال الجوهري: الصيرف: المحتال المتصرف فيه الأمور، والصيرفي: الصراف من المصارفة، وقوم صيارفة، والياء للنسبة، وقد جاء في الشعر: الصياريف، وقال (?):
تَنْفِي يَدَاها الحَصَى في كلِّ هاجرةٍ ... نَفْيَ الدراهم تَنْقَادُ الصياريف
لما احتاج إلى إتمام الوزن أشبع الحركة ضرورة حتى صارت حرفًا.
ولما كانت الحاجة ماسة إلى علم أحكام الصرف لما فيه من بيان أحكام الربا أيضًا أفرده بالذكر بكتاب مستقل غير تابع لكتاب البيوع وإلا كانت المناسبة تقتضي ذكره في كتاب البيوع.
فإن قيل: إن إفراده بالذكر لما ذكرت، ولكن المناسبة ذكره عقب كتاب البيوع؛ لأنه نوع من أنواع البيوع.
قلت: نعم، الأمر كذلك، ولكن اختار ذكره عقيب كتاب الكراهية الذي هو مشتمل على المحظورات والمباحات، فكذلك كتاب الصرف مشتمل على ما فيه الحظر وما فيه الإباحة. فافهم.