ص: حدثنا رييع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال: "أتى رسول الله -عليه السلام- ثلاثة نفر فقالوا: إن صاحبًا لنا مريض وُصِفَ له الكيّ، أفنكويه؟ فسكت، ثم عادوا، فسكت، ثم قال لهم في الثالثة: اكووه إن شئتم، وان شئتم فارضفوه بالرضف".
ش: هذا طريق آخر وهو أيضًا صحيح.
وأخرجه أحمد في "مسنده" (?): عن وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: "أن قومًا أتوا النبي -عليه السلام- فقالوا: صاحب لنا يشتكي، أنكويه؟ قال: فسكت، ثم [قالوا] (?): أنكويه؟ فسكت، ثم قال: أنكويه؟ فسكت فقال: اكووه وارضفوه بالرضف رضفًا".
ص: قال أبو جعفر -رحمه الله-: ومعنى هذا عندنا على الوعيد الذي ظاهره الأمر وباطنه النهي، كما قال الله -عز وجل-: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ. . .} (?) الآية، وكقوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (?).
ش: أي معنى هذا الحديث، وأشار به إلى أن الأمر المذكور في حديث عبد الله ليس علي حقيقته، وإنما ظاهره الأمر، ولكن باطنه النهي بطريق الوعيد والتهديد، ذلك كما في قوله تعالى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ} (3)؛ وذلك لأن الله تعالى لا يأمر الشيطان باستفزاز من يستطيعه، والاستفزاز: الاستخفاف، وكذلك في قوله تعالى: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (4) ليس علي حقيقته بأن يكون أمرًا منه بأن يعملوا كل ما يشاءون، ومنه ما يقال لعبد شتم مولاه وقد أدبه: اشتم مولاك؛ فإنه ليس يأمر بالشتم ولكنه تهديد.