وأراد "بالمهلة" المحرمة، من الإهلال، وهو رفع الصوت بالتلبية للإحرام.
ص: فإن قالوا لنا: فَلِمَ لا تشبهون حكم لباس الحرير في هذا الباب بحكم استعمال آنية الذهب والفضة؟
قيل لهم: لأن الثياب المصبغة هي من اللباس، فكذلك الثياب الحرير والديباج؛ والذهب والفضة هما من الأواني، واللباس بعضه ببعض أشبه منه بالآنية، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: تقرير السؤال أن يقال: إنكم قد شبهتم حكم لبس الحرير بحكم لبس الثياب المصبوغة حيث حرمتموه على الرجال خاصة دون النساء، فَلِمَ لا تشبهونه بحكم استعمال آنية الذهب والفضة حتى تكون حرمته عامة كحرمة استعمال أواني الذهب والفضة؟ وما الترجيح في ذلك؟
وتقرير الجواب: أن الثياب المصبوغة مما يلبس، وكذلك الثياب الحرير والديباج، وليس لها شبه بالأواني من الذهب والفضة، وشبه ما يلبس بعضه ببعض أقرب من شبهه بالآنية؛ فهذا هو الترجيح. فافهم.
ص: وقد روي في ذلك أيضًا عن النبي -عليه السلام- ما حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا شعيب بن الليث، قال: ثثا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب، عن ابن أبي الصعبة، عن رجل من همدان يقال له: أفلح، عن ابن زُرَيْر أنه سمع عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه - يقول: "إن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ حريرًا في يمينه، وأخذ ذهبًا فجعله في يساره، ثم قال: إن هذين حرام على ذكور أمتي".
حدثنا حسين بن نصر، قال: ثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عبد العزيز بن أبي الصعبة، عن أبي أفلح، عن عبد الله بن زُرَيْر الغافقي، عن عليّ بن أبي طالب، عن النبي -عليه السلام- مثله.
حدثنا ربيع المؤذن، قال: ثنا أسد، قال: ثنا ابن لهيعة، قال: ثنا يزيد بن أبي حبيب، أن عبد العزيز بن أبي الصعبة القرشي حدثه. . . . ثم ذكر بإسناده مثله.