وهي أعمال غزنة، أرسل الجيوش ففتح هذه الفتوح كلها، وفي ولايته قتل كسرى يزدجرد، فأحرم ابن عامر من نيسابور بعمرة شكرًا لله -عزوجل- على ما فتح عليه، وهو الذي اتخذ السوق بالبصرة، اشترى دورًا فهدمها وجعلها سوقًا، وهو أول من لبس الخز بالبصرة، لبس جبة دكناء، فقال الناس: لبس الأمير جلد دب، فلبس جبة حمراء، وهو أول من اتخذ الحياض بعرفة وأجرى إليها العين، ولم يزل واليًا على البصرة إلى أن قتل عثمان بن عفان، ثم شهد مع عائشة - رضي الله عنها - وقعة الجمل، ثم سار إلى دمشق فأقام بها، وتوفي سنة سبع -وقيل: سنة ثمان- وخمسين، وأوصى إلى عبد الله ابن الزبير - رضي الله عنه -.
والأثر المذكور أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?): ثنا ابن عيينة، عن عمرو، عن صفوان بن عبد الله، قال: "استأذن سعد على ابن عامر وتحته مرافق من حرير، فأمر بها فرفعت، فلما دخل سعد وعليه مطرف من خز، فقال له: استأذنت عليّ وتحتي مرافق من حرير، فأمرت بها فرفعت، فقال سعد: نعم الرجل أنت إن لم تكن ممن قال الله: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} (?) والله لئن أضطجع على جمر الغضي أحب إليّ من أن أضطجع عليها، قال: فهذا عليك شطره حرير وشطره خز؟ قال: إنما يلي جلدي منه الخز".
قوله: "مرافق" جمع مرفقة -بكسر الميم- وهي المخدة، قاله الجوهري، يقال: فلان تمرفق إذا اتخذ المرفقة.
و"المطرف" بكسر الميم وضمها وفتحها: الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة.
قوله: "شطره" أي نصفه.
قوله: "لئن اضطجع" اللام فيه "لام" الابتداء، وهي للتأكيد، و"أن" مصدرية في محل الرفع على الابتداء، وخبره قوله: "أحب إليّ".