قوله: "وأما حديث المغيرة. . . ." إلى آخره. جواب أيضًا عن حديث المغيرة الذي هو من جملة الحج لأهل المقالة الأولى، وهو ما ذكره بقوله: "فليس فيه دليل على شيء. . . ." إلى آخره، وهو ظاهر.
قوله: "ويحتمل أيضًا حديث عمار. . . ." إلى آخره. جواب آخر، وهو أيضًا ظاهر. والله أعلم.
ص: وأما من طريق النظر: فقد رأينا الحلق قد أمر به في الإحرام، ورخص في التقصير، فكان الحلق أفضل من التقصير، وكان التقصير من شاء فعله ومن شاء زاد عليه، إلا أنه يكون بزيادته عليه أجرًا أعظم من القص، فالنظر على ذلك أن يكون كذلك حكم الشارب، قصه حسن، وإحفاؤه أحسن وأفضل، وهذا مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد -رحمهم الله-.
ش: أي: وأما معنى هذا الباب من طريق النظر والقياس. بيانه: أن الحاج أمر بالحلق ورخص له في التقصير وخير فيه إن شاء اقتصر عليه وإن شاء زاد عليه، غير أنه يكون بزيادته على ذلك أكثر أجرًا، فالقياس على ذلك أن يكون حكم الشارب كذلك؛ يكون مخيرًا في قصه فإذا زاد على ذلك حتى صار إحفاءً يكون أفضل من ذلك، فيكون القص حسنًا والإحفاء أحسن، فافهم.
ص: وقد روي عن جماعة من المتقدمين ما قد حدثنا ابن أبي عقيل، قال: أنا ابن وهب قال: أخبرني إسماعيل بن عياش قال: حدثني إسماعيل بن أبي خالد قال: "رأيت أنس بن مالك، وواثلة بن الأسقع يحفيان شواربهما، ويعفيان لحاهما ويصفرانها".
قال إسماعيل: حدثني عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع المدني، قال: "رأيت عبد الله بن عمر وأبا هريرة وأبا سعيد الخدري وأبا أسيد الساعدي ورافع بن خديج وجابر بن عبد الله وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع، يفعلون ذلك".
حدثنا محمَّد بن النعمان، قال: ثنا أبو ثابت، قال: ثنا عبد العزيز بن محمَّد، عن عثمان بن عبيد الله بن أبي رافع، قال: "رأيت أبا سعيد الخدري وأبا أسيد ورافع بن