شاء الله، فكيف يجوز أن ينكر عروة على بسرة ما قد حدثه به زيد بن خالد عن النبي - عليه السلام - هذا مما لا يستقيم ولا يصح.

وقال البيهقي في كتابه "المعرفة": هذا منه توهم -أراد أن الطحاوي وهم فيه- فلا ينبغي لأهل العلم أن يطعنوا في الأخبار بالتوهم، فقد بقي زيد بن خالد إلى سنة ثمان وسبعين من الهجرة، ومات مروان بن الحكم سنة خمس وستين، فيجوز أن يكون عروة لم يسمعه من أحد حين سأله مروان، ثم سمعه من بسرة، ثم سمعه بعد ذلك من زيد بن خالد الجهني، فرجع إلى روايتهما وقلد حديثهما.

قلت: ليس هذا وهما من الطحاوي، بل الذي ينسبه إلى الوهم هو الذي وهم فيه، وكيف وهو إمام في التاريخ أيضًا؟

إذا قالت حذامِ فصدقوها فإن القول ما قالت حذامِ.

وقد اختلف العلماء من أهل التاريخ في وفاة زيد بن خالد الجهني، وفي مكان موته على ما نقله ابن الأثير في كتاب "معرفة الصحابة" فقال: توفي بالمدينة، وقيل: بمصر، وقيل: بالكوفة، وكانت وفاته سنة ثمان وسبعين وهو ابن خمس وثمانين، وقيل: مات سنة خمسين وهو ابن ثمان وسبعن سنة، وقيل: توفي في آخر أيام معاوية، وقيل: سنة اثنتين وسبعين وهو ابن ثمانين سنة والله أعلم.

ويمكن أن يكون الصحيح في تاريخ وفاته سنة خمسين، ويكون قد ثبت ذلك عند الطحاوي، فيكون تاريخ وفاته متقدما على تاريخ وفاة مروان بخمسة عشرة سنة، وإنما وقف البيهقي على قول من قال بأن وفاة زيد بن خالد سنة ثمان وسبعين؛ ليتوسل به إلى الطعن علي الطحاوي، وليس هذا دأب أهل الإنصاف، ولا من قَصْدُهُ إظهار الصواب.

ثم إن الطحاوي أخرج حديث زيد بن خالد من طريقين:

الأول: عن علي بن معبد بن نوح المصري، عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد، عن أبيه إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي المدني، عن ابن إسحاق، عن الزهري، عن عروة ... إلى آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015