وهذا القول لا يستلزم الطعن منه عليه؛ وإنما تبين بذلك عسف الخصم، حيث يجعل محمَّد بن إسحاق حجة عند كون الحديث له، ويتركه ويطعن فيه عند كون الحديث عليه، ولئن سلمنا أنه طعن عليه؛ فليس هو مختصا به، ولا بأول من تكلم به فيه، فإن بعض السلف قبله قد طعنوا فيه كالإمام مالك حيث قال فيه: دجال من الدجاجلة.
وقد قال الخطيب: وقد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها: أنه كان يتشيع، وينسب إلى القدر، ويدلس في حديثه، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه.
وقال الحافظ ابن الذهبي: والذي يظهر لي أن ابن إسحاق حسن الحديث صالح الحال صدوق، وما انفرد به ففيه نكارة؛ فإن في حفظه شيئًا.
قلت: ولهذا لم يُخرِّج له الشيخان، وإنما استشهد به البخاري، وروى له مسلم في المتابعات.
وقول البيهقي: "كيف وهو يحتج بمن قد أجمع أهل العلم بالحديث على ضعفه في الرواية" تحامل منه وتعصب؛ حيث يقول قولًا مجملا من غير بيان، فهلا بَيَّنَهُ في صُوَرِهِ حتى ننظر فيها، ذلك ولئن سلمنا أنه احتج بمن هو ضعيف عند غيره فلا نسلم أن ذلك عيب منه أو تقصير؛ لأنه ربما كان ذاك ثقة عنده، ألا ترى إلى خلق كثير قد احتج بهم الشيخان مع أن غيرهما قد تكلموا فيهم، ولم يجعلوا مثل ذلك قادحا في الصحة، فكذلك الطحاوي؛ لأنه إمام في الحديث مثلهم، بل له زيادة فضيلة معرفة وجوه المناظرات وطرق استنباط الأحكام ونحوها.
الوجه الثاني: أن هذا الحديث منكر بل الأجدر أن يكون غلطا، بيان ذلك: أن عروة أجاب مروان حين سأله عن مس الذكر بأنه لا وضوء فيه، فقال مروان: أخبرتني بسرة عن النبي - عليه السلام - أن فيه الوضوء. فقال له عروة: ما سمعت بهذا، حتى أرسل مروان إلى بسرة شرطيّا فأخبرته، وكان ذلك بعد موت زيد بن خالد بما