وأجمعوا في جنين البهائم أن فيه ما نقص أم الجنين، وكانت الديات الواجبات من الإبل على ما أوجبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تجب في أنفس الأحرار ولا تجب في أنفس العبيد، فكان ما حكم فيه بالحيوان المجعول في الذمم هو ما ليس ببدل من مال، ومنع من ذلك في الأبدال من الأموال، فثبت بذلك أن القرض الذي هو بدل من مال لا يجب فيه حيوان في الذمم.
وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى.
ش: هذا السؤال وارد من جهة أهل المقالة الأولى على ما علل به أهل المقالة الثانية عدم جواز استقراض الحيوان بقولهم: إن الحيوان لا يثبت في الذمة فلا يصح استقراضه؛ ولذلك لم يجوزوا السَّلَم أيضًا في الحيوان.
حاصل السؤال أن يقال: كيف تقولون: الحيوان لا يثبت في الذمة وقد حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة عبد أو أمة، وحكم في الدية بمائة من الإبل، وكذلك حكم في أروش الأعضاء بما قد حكم به من كل عضو من الإبل المعينة على ما عرف في موضعه، فهذا كله حيوان يجب في الذمة.
فإذا كان الأمر كذلك فَلِمَ لا يجوز أن يكون كل الحيوان كذلك؟
فأجاب عنه بقوله: قيل له ... إلى آخره. وهو ظاهر.
وملخصه أن يقال: لا نسلم استواء الحكم المذكور في كل الحيوان؛ وذلك لأن من الصور الحيوان فيه ليس بدلاً عن مال؛ فلذلك أبيح وجوده في الذمة. وأما في الصورة المتنازع فيها الحيوان بدل من مال فلا يثبت في الذمة؛ لورود النهي في وجوبه في الذمة بأموال، فهذا أصلان تنسحب عليهما فروع كثيرة، فلما كان بدلاً عن مال فحكمه حكم القرض فلا يثبت في الذمة، وما كان بدلاً عن غير مال فحكمه حكم الديات والغرة.
قوله: "من ذلك التزويج" أي مما كان بدلاً من غير مال على أمة وسط ... إلى آخره، فالحيوان في هذه الصور يثبت في الذمة؛ لأنه بدل عن غير مال.