أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل حتى تتبين له رؤيتهما، فأنزل الله تعالى بعده {مِنَ الْفَجْرِ} فعلموا أنما يعني الليل والنهار".
وأخرجه مسلم (?) ثنا عبيد الله بن عمر القواريري، قال: ثنا فضيل بن سليمان، قال: ثنا أبو حازم، قال: ثنا سهل بن سعد قال: "لما نزلت هذه الآية {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} (?) قال: كان الرجل يأخذ خيطًا أبيض وخيطًا أسود فيأكل حتى يستبينهما حتى أنزل الله {مِنَ الْفَجْرِ} فبيَّن ذلك".
قوله: "عَمَدت" أي: قصدت، قال الجوهري: عَمَدت للشيء أَعْمِدُ عَمْدًا: قصدت له، أي: تعمدت، وذكره في "دستور اللغة" من باب: ضَرَبَ يَضْرِب.
قوله: "إلى عِقَالين" العِقَال -بكسر العَين- الحبل الذي يُعقل به البعير، وقال الجوهري: قال الأصمعي: عَقَلْتُ البعير أَعْقِلُه عَقْلًا، وهو أن تثني وظيفه مع ذراعه فتشدهما جميعًا في وسط الذراع، وذلك الحبل هو العِقَال، والجمع عُقل.
قوله: "إن وسادك لعريض" كنَّى بالوساد عن النوم؛ لأن النائم يتوسد، أي: إن نومك لطويل كبير، وقيل: كنّى بالوساد عن موضع الوساد من رأسه وعنقه، وتشهد له الرواية الثانية وهي قوله: "إنك لعريض القفا" فإن عرض القفا كناية عن السِمن، وقيل: أراد: مَنْ أكل مع الصبح في صومه أصبح عريض القفا؛ لأن الصوم لا يؤثر فيه.
قلت: يكنَّى عن الأبله بعريض القفا، فإن عرض القفا وعِظم الرأس إذا أفرطا قيل: إنه دليل الغباوة والحماقة، كما أن استوائه دليل علو الهمة وحسن الفهم، وهذا من قبيل الكناية الخفية، والفرق بين الكناية والمجاز: أن الانتقال في الكناية من اللازم إلى الملزوم، وفي المجاز من الملزوم إلى اللازم، وهكذا فرَّق السماك وغيره.