حدثنا صالح بن عبد الرحمن، قال: ثنا أبو عبد الرحمن المقرئ، قال: ثنا الليث بن سعد، قال: حدثني ابن شهاب ... فذكر بإسناده نحوه.
قالوا: فلما ثبت بهذا الحديث الذي روي عن عائشة: أن رسول الله - عليه السلام - كان يغتسل هو وهي من الفَرَق، والفَرَق ثلاثة أصوع، كأن ما يغتسل به كل واحد منهما صاعًا ونصفًا.
فإذا كان ذلك ثمانية أرطال كان الصاع ثلثها، وهو خمسة أرطال وثلث. وهذا قول أهل المدينة أيضًا.
ش: أي قال هؤلاء الآخرون: هذا بيان استدلالهم لما قالوا: وزن الصاع خمسة أرطال وثلث رطل، تقريره أن الإناء الذي كان يغتسل به رسول الله - عليه السلام - كانت صاعًا ونصفًا؛ لأن عائشة- رضي الله عنها - قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله - عليه السلام - من إناء واحد وهو الفرق، والفرق ثلاثة أصوع، فحينئذ يكون ما اغتسل به كل واحد منهما صاعًا ونصفًا، فإذا كان المذكور في رواية مجاهد عن عائشة: ثمانية أرطال، يكون الصاع ثلث الفَرَق وهو خمسة أرطال وثلث؛ لأن الفرق ستة عشر رطلًا، وهي ثلاثة أصوع، وثلث ستة عشر، خمسةٌ وثلث.
ثم الفرق -بفتح الفاء والراء وبإسكانها- أيضًا لغتان والفتح أفصح وأشهر، وزعم الباجي أنه الصواب، وليس كما زعم، بل هما لغتان.
وقال ابن الأثير: الفَرَق بالتحريك: مكيال يسع ستة عشر رطلا، وهي اثني عشر مدًّا، وثلاثة أصوع عند أهل الحجاز، وقيل: الفَرَق خمسة أقساط، والقسط نصف صاع، فأما الفرْق بالسكون فمائة وعشرون رطلا، وقال أصحابنا في كتب الفقه: الفَرَق ستة وثلاثون رطلًا، وكذا ذكره صاحب "الهداية" ثم علله بقوله: لأنه أقصى ما يقدر به.
وقال القاضي: قال أحمد بن يحيى: الفرق اثني عشر مُدًّا، وقال أبو الهيثم: هو إناء يأخذ ستة عشر رطلًا، وذلك ثلاثة آصع، وكذلك فسره سفيان في كتاب مسلم