وقال أبو عمر أيضًا: اختلفوا في العبد الكافر والغائب المسلم.

فقال مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور: ليس على أحد أن يؤدي عن عبده الكافر صدقة الفطر وإنما هي على من صام وصلى، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن، وحجتهم قوله - عليه السلام - في هذا الحديث: "من المسلمين"، وقال الثوري وسائر الكوفيين: عليه أن يؤدي زكاة الفطر عن عبده الكافر.

وهو قول عطاء ومجاهد وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز، والنخعي، وروي ذلك عن أبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم -، انتهى.

قلت: نذكر أولًا ما احتج به أصحابنا فيما ذهبوا إليه من وجوب صدقة الفطر عن عبده الكافر، ثم نجيب عن حديث مالك الذي فيه "من المسلمين" فنقول:

روى الدارقطني في "سننه" (?): عن سلّام الطويل، عن زيد العمي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله - عليه السلام -: "أدوا صدقة الفطر عن كل صغير وكبير، ذكر أو أنثى، يهودي أو نصراني حرّ أو مملوك، نصف صاع من بُر، أو صاعًا من تمر أو شعير".

فإن قيل: قال الدارقطني: لم يسند هذا الحديث غير سلام الطويل وهو متروك.

ورواه ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال: زيادة "اليهودي والنصراني" فيه موضوعة، انفرد بها سلام الطويل وكأنه تعمدها، وأغلظ فيه القول عن النسائي وابن حبان.

قلت: جازف ابن الجوزي في مقالته من غير دليل، فكان ينبغي أن يذكره مثل الدارقطني، وكيف وقد أخرج الطحاوي في "مشكله" ما يؤيد هذا عن ابن المبارك، عن ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: "كان يخرج زكاة الفطر عن كل إنسان يعول، من صغير وكبير، حرٍّ أو عبد ولو كان نصرانيَّا؛ مُدَّين من قمح أو صاعًا من تمر".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015