أخرجه مسلم (?) وغيره، فكانت العلة كونها أوساخ الناس، فهي موجودة في كل وقت سواء وصل إليهم ما جعل لهم في الخمس من سهم ذوي القربى أو لم يصل.

قوله: "فبهذا نأخذ" أي: بقول أبي يوسف -رحمه الله-.

ص: فإن قال قائل: أفتكرهها على مواليهم؟

قلت: نعم؛ لحديث أبي رافع الذي قد ذكرناه في هذا الباب، وقد قال ذلك أبو يوسف في كتاب "الإملاء"، وما علمت أحدًا من أصحابنا خالفه في ذلك.

فإن قال: أفتكره للهاشمي أن يعمل على الصدقة؟

قلت: لا.

فإن قال: لِمَ؟ وفي حديث ربيعة بن الحارث والفضل بن عباس - رضي الله عنهم - الذي ذكرت منع النبي - عليه السلام - إياهما من ذلك.

قلت: ما فيه منع لهما من ذلك؛ لأنهم سألوه أن يستعملهم على الصدقة ليسدوا بذلك فقرهم فسد رسول الله - عليه السلام - فقرهم بغير ذلك.

وقد يجوز أيضًا أن يكون أراد بمنعهم أن يوكلهم على العمل على أوساخ الناس، لا لأن ذلك يحرم عليهم؛ لاجتعالهم منه عمالتهم عليه.

وقد وجدنا ما يدل على هذا: حدثنا أبو أمية، قال: ثنا قبيصة بن عقبة، قال: ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن عبد الله بن أبي رزين، عن أبي رزين، عن علي - رضي الله عنه - قال: "قال لي العباس: قل للنبي - عليه السلام - يستعملك على الصدقة. فسألته، فقال: ما كنت لأستعملك على غُسالة ذنوب الناس".

أفلا ترى أنه إنما كره له الاستعمال على غسالة ذنوب الناس لا لأنه حرم ذلك عليه لحرمة الاجتعال منه عليه؟.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015