الثاني: عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن محمَّد بن أبي بكر بن علي بن عطاء ابن مقدم المقدمي شيخ البخاري ومسلم، عن سليمان بن داود الطيالسي، عن محمَّد بن أبي حميد بن إبراهيم الأنصاري ... إلى آخره.

وأخرجه الطيالسي في "مسنده" (?).

ص: فثبت بذلك أن الجلوس المنهى عنه في الآثار الأُوَل هو هذا الجلوس، فأما الجلوس لغير ذلك فلم يدخل في ذلك النهي، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله.

ش: أي فثبت بما ذكر من التأويل المذكور أن الجلوس المنهي عنه في الأحاديث الأُوَل التي احتجت بها أهل المقالة الأولى هو هذا الجلوس، يعني الجلوس للغائط أو البول، فأما الجلوس لغير ذلك من الوجوه فليس بداخل تحت النهي المذكور، وهو اختيار الطحاوي، ومذهب أبي حنيفة وصاحبيه.

قلت: فعل هذا ما ذكره أصحابنا في كتبهم من أن وطأ القبور حرام، وكذا النوم عليها ليس كما ينبغي، فإن الطحاوي هو أعلم الناس بمذاهب العلماء ولا سيما بمذهب أبي حنيفة.

فإن قلت: قال صاحب "البدائع" وغيره: كره أبو حنيفة أن يوطأ قبر أو يجلس عليه أو ينام عليه أو تقضى عليه حاجة من بول أو غائط لما روي عن النبي - عليه السلام - أنه نهى عن الجلوس على القبر.

قلت: هذا أيضًا مخالف لما ذكره الطحاوي؛ لأنه أخذ في الدليل بظاهر الحديث وسلك مسلك أهل المقالة الأولى، ولم يذهب إلى ما قاله أهل المقالة الثانية، والقول ما قاله الطحاوي.

إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015