ويروى ذلك عن عبد الله وأبي بكرة وعقبة بن عامر وأبي هريرة وجابر - رضي الله عنهم -، وإليه ذهبت الظاهرية، وقال ابن حزم في "المحلى": ولا يحل لأحد أن يجلس على قبر، وهو قول أبي هريرة وجماعة من السلف.
ص: وخالفهم في ذلك آخرون، فقالوا: لم ينه عن ذلك لكراهة الجلوس على القبر، ولكنه أريد به الجلوس للغائط أو البول، وذلك جائر في اللغة، يقال: جلس فلان للغائط، جلس فلان للبول.
ش: أي خالف القوم المذكورين جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة ومالكًا وعبد الله بن وهب وأبا يوسف ومحمدًا؛ فإنهم قالوا: لا يكره الجلوس على القبر إلا إذا جلس لقضاء الحاجة، وقالوا: ما روي عن النهي فمحمول على ما ذكرنا، ويحكى ذلك عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عمر - رضي الله عنهم -.
ص: واحتجوا في ذلك بما حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا عمرو بن علي، عن عثمان بن حكيم، عن أبي إمامة، أن زيد بن ثابت قال: "هلم يا ابن أخي أخبرك، إنما نهى النبي - عليه السلام - عن الجلوس على القبور لحدث غائط أو بول".
فبين زيد - رضي الله عنه - في هذا الجلوس المنهى عنه في الآثار الأُوَل ما هو.
ش: أي احتج الآخرون فيما قالوا: أن المراد من الجلوس المنهي عنه هو الجلوس للغائط أو البول بحديث زيد بن ثابت؛ فإنه بَيَّن في حديثه أن الجلوس المنهي عنه في الأحاديث التي سلفت هو الجلوس للغائط أو البول، وقال مالك في "موطئه": إنما نهى عن القعود على القبور -فيما نرى- للمذهب.
ورجال حديثه ثقات.
وعمرو بن علي بن بحر بن كنيز أبو حفص البصري الفلاس الحافظ شيخ الجماعة، وأبو أمامة بن سهل بن حنيف واسمه أسعد، وقيل غير ذلك، روى له الجماعة.