خبر معاوية بن حديج طلحة بن عبيد الله، قال: وخبر الخرباق: "سلم في الركعة الثالثة" وخبر ذي اليدين: "من ركعتين" وخبر معاوية: "من الركعتين في صلاة المغرب" فدل أنها ثلاثة أحوال متباينة في ثلاث صلوات لا واحدة، فافهم.

ص: ومما يدل على ذلك أن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد كان مع رسول الله - عليه السلام - في يوم ذي اليدين، ثم قد حدثت تلك الحادثة في صلاته من بعد رسول الله - عليه السلام - فعمل بخلاف ما كان عمل به رسول الله - عليه السلام - يومئذ.

حدثنا ابن مرزوق قال: ثنا أبو عاصم، عن عثمان بن الأسود قال: سمعت عطاء يقول: "صلى عمر بن الخطاب - عليه السلام - صحابه فسلم في ركعتين، ثم انصرف فقيل له في ذلك؛ فقال: إني جهزت عيرًا من العراق بأحمالها وأحقابها حتى وردت المدينة، قال: فصلى بهم أربع ركعات".

فدل ترك عمر - رضي الله عنه - لما قد كان علمه من فعل رسول الله في مثل هذا وعمله بخلافه على نسخ ذلك عنده، وعلى أن الحكم كان في تلك الحادثة في زمنه بخلاف ما كان في يوم ذي اليدين، وقد كان فعل عمر - رضي الله عنه - أيضًا بحضرة أصحاب رسول الله - عليه السلام - الذين قد حضر بعضهم فعل رسول الله - عليه السلام - يوم ذي اليدين في صلاته فلم ينكروا ذلك عليه ولم يقولوا له: إن رسول الله - عليه السلام - قد فعل يوم ذي اليدين خلاف ما فعلت، فدل ذلك أيضًا أنهم قد كانوا علموا من نسخ ذلك ما كان عمر - رضي الله عنه - علمه.

ش: أي ومن الذي يدل على أن كلام ذي اليدين لرسول الله - عليه السلام - بما ذكر كان والكلام مباح، وأن حديثه منسوخ: أن عمر بن الخطاب عمل بعد رسول الله - عليه السلام - بخلاف ما قد كان - عليه السلام - عمله يوم ذي اليدين، والحال أنه كان فيمن حضر يوم ذي اليدين، فلولا ثبت عنده انتساخ ذلك لما عمل بخلاف ما عمل به النبي - عليه السلام -.

وأيضًا فإن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد كان فعل هذا بحضرة الصحابة، وفيهم من قد كان حاضرًا يوم ذي اليدين، فلم ينكروا ذلك عليه، ولم يقولوا: عملت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015