أن ما في حديث المغيرة من سجود رسول الله - عليه السلام - على كل سهو أيضًا سواء كان لنقصان أو زيادة، وكذلك يجوز أن يكون ما في أحاديث عمران وأبي هريرة وابن عمر - رضي الله عنهم - من سجوده لأجل زيادته في صلاته ساهيًا على كل سجود وجب للسهو فيسجد هناك، ولا يقصد بذلك التفرقة بين السجود للزيادة وبين السجود للنقصان، ويحتمل أيضًا أن يكون قد قصد بذلك إلى التفرقة بينهما، ولكن رأينا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد حضر سجود سهو النبي - عليه السلام - في يوم ذي اليدين، وكان ذلك لأجل الزيادة التي زادها في صلاته وهي تسليمه فيها، وكان سجوده ذلك بعد السلام، ثم رأينا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قد سجد بعد النبي - عليه السلام - لأجل نقصان كان منه في الصلاة بعد السلام، فدلّ ذلك أن سجود رسول الله - عليه السلام - بعد السلام الذي قد كان عمر- رضي الله عنه - علمه لأجل الزيادة التي كان زادها في صلاته على حكم كل سهو في الصلاة سواء كان للزيادة أو للنقصان، والله أعلم.

وأخرج الأثر المذكور بإسناد حسن جيد، عن سليمان بن شعيب الكيْساني، عن عبد الرحمن بن زياد الرصاصي وثقه أبو حاتم وغيره، عن شعبة بن الحجاج، عن عكرمة بن عمار العجلي اليمامي روى له الجماعة البخاري مستشهدًا، عن ضمضم بن جَوْس -بالجيم المفتوحة والواو الساكنة والسين المهملة- وثقه ابن حبان وروى له الأربعة- عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب أبي عبد الرحمن

المدني، له رؤية من النبي - عليه السلام -، وأبوه حنظلة غِسيل الملائكة غسلته يوم أحد؛ لأنه قُتِل وهو جنب.

فهذا الذي ذكره الطحاوي من تصحيح معاني الآثار فنقول: أما حديث ابن بحينة ومعاوية فإنهما وإن كانا قد صرّحا بأنه قد سجد للسهو قبل السلام ولكن حديث المغيرة بن شعبة يعارض حديثهما؛ لأنه يدل على أنه - عليه السلام - قد سجد للسهو بعد السلام، فكل واحد من أحاديث هؤلاء يجوز أن يكون على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015