فقالت أهل المقالة الثانية: في هذه الآثار زيادة على الآثار الأُوَل -وهي الأحاديث التي رويت عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري - رضي الله عنهما - وهي أنها توجب البناء على الأقل لكونه مُتيقنًا، وتوجب السجدتين بعد ذلك، فهي أولى من الآثار الأُوَل لكونها زائدة عليها، والعمل بما زاد أولى؛ لكونها أكثر فائدة، والله أعلم.

ص: وقال آخرون: الحكم في ذلك أن ينظر المصلي إلى أكبر رأيه في ذلك فيعمل على ذلك، ثم يسجد سجدتي السهو بعد التسليم، وإن كان لا رأي له في ذلك بني على الأقل حتى يعلم يقينًا أنه قد صلى ما عليه.

ش: أي قال جماعة آخرون، وأراد بهم: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وزفر بن الهذيل؛ فإنهم قالوا: الحكم فيمن شك ولم يَدْر أصلّى ثلاثًا أم أربعًا: أن ينظر إلى غالب ظنه في ذلك فيعمل بحسب ذلك ثم يسجد سجدتي السهو بعد السلام، وإن كان لا رأي له في ذلك بحيث إنه لا يستقر قلبه على شيء، أخذ في ذلك بالأقل وبنى عليه؛ لأنه هو المتيقن، ليخرج عن عهدة التكليف باليقين.

وقد قال أصحابنا الحنفية في كتبهم: إن الشك إن كان عرض له أول مرة يَسْتقبل صلاته وإن كان يَعْرض له كثيرًا بني على أكبر رأيه، وقد طعنت الشافعية والمالكية والحنابلة وأصحابنا في هذا وقالوا: ليس في شيء من الآثار عن النبي - عليه السلام - تفرقة بين أول مرة وغيرها، فلا معنى لقول أبي حنيفة في ذلك.

وقال ابن قدامة في "المغني": فأما قولُ أصحاب الرأي فيخالف السنة الثابتة عن رسول الله - عليه السلام -.

وقال ابن حزم: تقسيم أبي حنيفة في هذا بأن كان إن عرض له ذلك أول مرة أعاد الصلاة، وإن كثر ذلك يتحرى أغلب ظنه. فاسد باطل؛ لأنه بلا برهان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015