في هذه المسألة، فطائفة تقول بقول داود، وقال أكثرهم بقصر كل مسافر العاصي والمطيع كمذهب أبي حنيفة، وسيجيء مزيد الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
قوله: "وهذا عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ...... " إلى آخره، ذكر هذا تأكيدًا لما ذكره من أمر القصر، بيانه: أن القصر في السفر لو لم يكن عزيمةً لما أنكر عبد الله بن مسعود على أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - حين صلى بمنى أربعًا، ومن عامة إنكاره عليه استرجع فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون؛ وذلك لكراهيته خلاف ما عهد من النبي - عليه السلام - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهما -، وخلاف ما عهد من عثمان أيضًا قبل ذلك، ولكن إنكار ابن مسعود عليه ليس على أنه رآه خالف الفرضَ وإنما خالف النفل؛ إذ لو اعتقد أن فرضه ركعتان لم يستبح أن يصليهما خلفه.
وقوله: "فليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان" يدلُّ على هذا؛ لأن الأربع لو لم تكن مشروعةً ولا مباحةً في السفر لم يكن فيها حظ جملةً ولا تبعيض، وإنما أشار إلى التخفيف والأخذ بالعزيمة واتباع سنة النبي - عليه السلام - بذلك.
وقال الداودي: خشي ألا تجزئه الأربع. قال القاضي عياض: وفيه بعد، والله أعلم.
قوله: "وإن كان عثمان إنما قبله لمعنًى" واصل بما قبله، وسيذكر معنى هذا إن شاء الله تعالى.
ص: فإن قال قائل: فهل رويتم عن رسول الله - عليه السلام - شيئًا يدلكم على أن فرض الصلاة ركعتين في السفر فيكون ذلك قاطعًا لما ذهب إليه مُخالفكَم؟
قلنا: نعم، حدثنا ربيعٌ المؤذنُ، قال: ثنا أسدٌ (ح).
وحدثنا عبد العزيز بن معاوية، قال: ثنا يحيى بن حماد (ح).