الحجة وهو يوم الأحد، وبات بالمحصب ليلة الأربعاء، وفي تلك الليلة اعتمرت عائشة - رضي الله عنها - من التنعيم، ثم طاف النبي - عليه السلام - طواف الوداع سَحَرًا قبل صلاة الصبح من يوم الأربعاء، وخرج صبيحته وهو الرابع عشر، فأما حديث ابن

عباس وغيره فهو إخبار عن مدة مقامه - عليه السلام - بمكة زمن الفتح. انتهى.

وقال النووي في شرح هذا الحديث: معناه أنه أقام بمكة وما حواليها لا في نفس مكة فقط، قدم مكة في اليوم الرابع فأقام بها الخامس والسادس والسابع، وخرج منها في الثامن إلى مني وذهب إلى عرفات في التاسع، وعاد إلى مني في العاشر فأقام بها الحادي عشر والثاني عشر، ونفر في الثالث عشر إلى مكة، وخرج منها إلى المدينة في الرابع عشر، فمدة إقامته في مكة وحواليها عشرة أيام، وكان يقصر الصلاة فيها كلها، ففيه دليل على أن المسافر إذا نوى إقامته دون أربعة أيام سوى يومي الدخول والخروج يقصر، وأن الثلاثة ليست مدة إقامة.

قلت: هذا الكلام الذي، قرره لا ينهض حجةً لمذهبهم بل في نفس الأمر حجة عليهم، سلمنا أنه إذا نوى إقامةً دون الأربعة أيام لا تصح نيته فمقصّر، ولكن لا تسلم صحتها أيضًا إذا نوى أربعةً أو خمسة أو ستةً فمن أين يفهم من الحديث أنه إذا نوى أربعة أيام أو خمسة أن نيته صحيحة، وكذلك استثناء يومي الدخول والخروج لا يفهم من الحديث بل هو مجرد كلام من الخارج، بل صريح الحديث يردُّ صحة نية الإقامة بأربعة أيام.

وقال الحسن بن صالح: إذا نوى إقامة عشرة أيام يُتم. واستدل بهذا الحديث، وهذا أنسب من غيره مِنْ وجه تأمل.

السادس: عن فهد بن سليمان، عن أبي نعيم الفضل بن دكين، عن سفيان الثوري ... إلى آخره.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015