قوله: "فجعل يصلي" أي فجعل رسول الله - عليه السلام - يصلي الظهر ركعتين، والعصر ركعتين، والعشاء ركعتين، فوقع قوله: "ركعتين" في رواية الطحاوي مكررًا ثلاث مرات، وفي رواية غيره مرتين، وفي رواية النسائي مرة واحدة.
قوله: "قلت: كم أقمتم؟ " القائل هو يحيى بن أبي إسحاق الحضرمي، أي كم يوم أقمتم بمكة.
قوله: "قال: عشرًا" أي عشر ليال، وهذا الحديث حجة على الشافعي في تقديره مدة الإقامة بأربعة أيام؛ لأنه يخبر عن مدة مقامه - عليه السلام - بمكة في حجة الوداع فإنه دخل مكة في صبح رابعة من ذي الحجة وهو يوم الأحد، وخرج صبح يوم الأربعاء الرابع عشر.
ولا يقال: يحتمل أنهم عزموا على السفر في اليوم الثاني أو الثالث، واستمر بهم ذلك إلى عشر؛ لأن الحديث إنما هو في حجة الوداع، فتعين أنهم نووا الإقامة أكثر من أربعة أيام لأجل قضاء النسك، نعم كان يَسْتقيم هذا أن لو كان الحديث في قصة الفتح.
والحاصل: أن ها هنا حديثان:
أحدهما: حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -: "أن رسول الله - عليه السلام - أقام بمكة تسع عشرة يقصر الصلاة".
رواه البخاري (?)، وكان في الفتح، صرح بذلك في بعض طرقه "أقام بمكة عام الفتح".
والآخر: حديث أنس هذا وكان في حجة الوداع.
وقال الحافظ المنذري في "حواشيه": حديث أنس يُخْبر عن مدة مقامه - عليه السلام - بمكة شرفها الله تعالى في حجة الوداع، فإنه دخل مكة في صبح رابعة من ذي