ونا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، ثنا الوليد، ثنا الأوزاعي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة -وهذا حديث أبي بكر- قالت: "كان النبي - عليه السلام - يصلّي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلّم في كل اثنتين ويوتر بواحدة، ويسجد فيهن سجدةً بقدر ما يقرأ أحدكم خمسين آية قبل أن يرفع رأسه، فإذا سكت المؤذن بين الأذان الأول من صلاة الصبح قام فركع ركعتين خفيفتين".

وأخرجه البزار في "مسنده": عن محمَّد بن المثنى، عن أبي عامر العقدي ... إلى آخره نحو رواية الطحاوي سندًا، ومتنه: "كان رسول الله - عليه السلام - يصلي من الليل إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل سجدتين، ويوتر بواحدة".

قوله: "ففي هذا الحديث ... " إلى آخره، [شارة] (?) إلى بيان التوفيق بين حديث عروة عن عائشة، وحديث أبي سلمة عن عائشة، وهو ظاهر.

قوله: "وأما قولها: يُسلّم بين كل ركعتين ... " آخره، جوابٌ عما يقال: إن هذا الحديث صريح أنه كان يوتر بركعة واحدة؛ لأنه كان يسلم بين كل ركعتين، فيكون حجة على من يقول: الوتر ثلاث ركعات بتسليمة واحدة.

تقرير الجواب: أن قولها: "يُسلّم بين كل ركعتين" يحتمل مَعْنَييْن:

الأول: مثل ما نقول لهم، وهو أن يكون كان يُسلّم بين كل ركعتين في الوتر وغيره من النفل الذي هو قبل الوتر، فيكون هذا دليلًا لما يذهب إليه أهل المدينة من التسليم بين الشفع والوتر وهم مثل مالك، وسعيد بن المسيب، والزهري، وغيرهم؛ فإن عندهم الوتر ثلاث ركعات ولكن بتسليمين كما بيّنا ذلك فيما مضى.

الثاني: يحتمل أن يكون المراد من قولها: "يُسلّم بين كل ركعتين" غير الوتر وهذا الوجه أرجح؛ لأنا لو لم نحمله على هذا المعنى يقع بينه وبين حديث سَعْد بن هشام المذكور فيما مضى تضادٌّ؛ لأنه روي عن عائشة - رضي الله عنها -: "أن رسول الله - عليه السلام - كان

طور بواسطة نورين ميديا © 2015