ولم تصف هذه الثلاث بشيء من ذلك وإنما جمعتها بالذكر، فدلَّ ذلك على أنهما الوتر، فيكون جميع ما صلاه: إحدى عشرة ركعةً وتضاف إليها الركعتان الخفيفتان اللتان ذكرهما سعد بن هشام في حديثه عن عائشة قالت: "كان رسول الله - عليه السلام - إذا قام من الليل افتتح صلاته بركعتين خفيفتين ثم صلى ... "، فحينئذٍ تكون الجملة ثلاث عشرة ركعة، فتتفق الأحاديث كلها ويرتفع الخلاف، وتضاف إليها الركعتان اللتان كان - عليه السلام - يصليهما وهو جالس بعد ما بدَّن، فحينئذٍ أيضًا تكون الجملة ثلاث عشرة ركعة، وهذا أشبه بروايات أبي سلمة؛ لأن جميع رواياته تُخبر عن صلاة النبي - عليه السلام - بعد ما بدَّن وأسنَّ فحينئذٍ إضافة هاتين الركعتين اللتين كان يصليهما وهو جالس إلى تلك الإحدى عشرة يكون أنسب وأشبه من إضافة تلكما الركعتين الخفيفتين اللتين كان يصليهما إذا قام من الليل.

وهذا الذي ذكره الطحاوي أجود وأحسن من الذي ذكره بعض المحدثين والفقهاء أن هذا الاضطراب عن عائشة باعتبار الغالب والنادر، وباعتبار اتساع الوقت وضيقه، ومن قول بعضهم أيضًا: إن هذا الاختلاف من الرواة، وكل ذلك ليس بشيء، بل القول ما قاله:

إذا قالت حذام فصدقوها ... فإن القول ما قالت حذام

وفي هذا الحديث من الأحكام:

أن فيه دليلًا للجمهور في أن تطويل القيام أفضل من تكثير الركوع والسجود، ويؤيده أيضًا ما رواه عبد الله الحُبْشي الخثعمي: "أن رسول الله - عليه السلام - سُئل أي الأعمال أفضل؟ قال: طول القيام".

أخرجه أبو داود (?).

وروى جابر بن عبد الله، عن النبي - عليه السلام - أنه قال: "أفضل الصلاة طول القنوت".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015