وأخرجه أبو داود (?): ثنا زياد بن أبي أيوب، ثنا هشيم، أنا حصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "لا أدري كان رسول الله - عليه السلام - يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟ ". انتهى.
فقد أخبر في هذا أنه لم يتحقق عنده عدم قراءة رسول الله - عليه السلام - في الظهر والعصر فإذا انتفى تحقق ذلك عنده عن النبي - عليه السلام - انتفى ما قاله أيضًا من ذلك القول؛ لأن غيره من الصحابة قد تحققوا قراءة رسول الله - عليه السلام - في الظهر والعصر، إلى ما يجيء بيانه عن قريب إن شاء الله تعالى.
وقال الخطابي في جواب هذا: إنه وهم من ابن عباس - رضي الله عنهما - لأنه قد ثبت عن النبي - عليه السلام - أن كان يقرأ في الظهر والعصر من طرق كثيرة، كحديث أبي قتادة وخباب بن الأرت وغيرهما.
قلت: عندي جواب أحسن من هذا مع رعاية الأدب في حق ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو أن ابن عباس استند في هذا أولًا على قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} (?) وهو مجمل بيَّنه - عليه السلام -بفعله، ثم قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي" (?) والمرئي هو الأفعال دون الأقوال والصلاة اسمًا للفعل في حق الظهر والعصر، وللفعل والقول في حق غيرهما, ولم يبلغ ابن عباس قراءته - عليه السلام - في الظهر والعصر، فلذلك قال في جواب عبد الله بن عبيد الله: لا. فلما بلغه خبر قراءته - عليه السلام -: فيهما، وثبت عنده رجع من ذلك القول.
والدليل عليه ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (?): ثنا سفيان، عن سلمة بن كهيل، عن الحسن العرني، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الظهر والعصر".