قلت: هو كناية؛ لأنه ذكر الرديف وأريد المردوف، وقال ابن حزم: ولا يحل دفن الموتى في هذه الساعات، وأما الصلاة عليهم فجائزة فيها للأثر بذلك عمومًا.

الثالث: أن قوله - عليه السلام -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها" يعارض هذا الحديث، بيانه: أن هذا نقيض أن تكون هذه الأوقات التي نهي عن الصلاة فيها وقتًا للقضاء حين ذكر الغاية بقوله: "فإن ذلك وقتها" ويعارضه أيضًا قوله - عليه السلام -: "من أدرك ركعة من الفجر قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الفجر"

بيانه: أن هذا يقتضي أنه لو شرع في صلاة الفجر وطلعت الشمس في خلالها أن لا تفسد صلاته كما ذهب إليه الشافعي.

الجواب عن الأول: أنه مخصوص بحديث عقبة، والدليل عليه ما روى أبو هريرة: "أن رسول الله - عليه السلام - حين قفل من غزوة حنين فسار ليلة ... " الحديث وفيه: "فناموا فما أيقظهم إلا حر الشمس". وفي رواية: "انتبهوا وقد بدا حاجب الشمس فاقتادوا رواحلهم شيئًا ثم نزلوا للصلاة". وإنما فعل ذلك لترتفع الشمس، فلو جاز قضاء المكتوبة في حال طلوع الشمس لما أخرها رسول الله - عليه السلام - بعد الانتباه.

والجواب عن الثاني: أنه لبيان الوجوب بإدراك جزء من الوقت -قل أو كثر- كما ذكرنا فيما مضى.

الرابع: أن حد الارتفاع الذي تباح فيه الصلاة قدر رمح أو رمحين، وقال أبو بكر محمد بن الفضل: مادام الإنسان يقدر على النظر إلى قرص الشمس فالشمس في الطلوع لا تباح فيه الصلاة، فإذا عجز عن النظر يباح.

وقال الفقيه أبو حفص: يؤتى بطست ويوضع في أرض مستوية فما دامت الشمس تقع في حيطانه فهي في الطلوع فلا تحل الصلاة، وإذا وقعت في وسطه فقد طلعت وحلت صلاته.

وأما حديث عبد الله بن عمر فأخرجه من ثلاث طرق صحاح:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015