وقال الكرخي: يجوز وأحب إلينا أن يعيده. وقال: الأفضل له أن يقطع ويقضيها في الوقت المباح.
فإن قيل: ما الفرق أن الفرائض لا تجوز فيها أصلًا والنوافل تجوز بالكراهة؟
قلت: لأن الصلاة مشروعة بأصلها؛ لوجود أركانها وشرائطا، ولا قبح في أصلها لأنها تعظيم محض لله تعالى والأوقات أيضًا صحيحة بأصلها كسائر الأوقات، ولكن من حيث إنها أوقات فاسدة بوصفها؛ لانتسابها إلى الشيطان صارت الصلاة فلم يسقط فيها ومنها الكامل وهو الفرض بخلاف النفل؛ لأنه أداه كما شُرع لكن مع الكراهة لورود النهي.
الثاني: يستفاد منه كراهة الصلاة على الجنازة في هذه الأوقات؛ لأن المراد من قوله "وأن نقبر فيها موتانا" أن يصلي عليهم لأجل الإقبار في هذه الأوقات لأن الدفن فيها غير مكروهة.
واختلف العلماء فيه وفي الصلاة على الجنازة، فذهب أكثر أهل العلم إلى كراهة الصلاة على الجنازة في الأوقات المكروهة، وروي ذلك عن ابن عمر، وهو قول عطاء والنخعي والأوزاعي والثوري، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وإسحاق ومالك، وفي "الجواهر" للمالكية: ولا يجوز فعلها أي فعل الصلاة على الجنازة في وقتي الإسفار والاصفرار، هذا ما لم يُخشى تغيير الميت، فإذا خشي يصلي عليه في جميع الأوقات انتهى.
وعند الشافعي لا تكره الصلاة على الجنازة أي ساعة شاء من ليل أو نهار، وكذلك الدفن أي وقت كان من ليل أو نهار، وقول الجماعة أولى؛ لموافقة الحديث.
وقال عياض في قوله "فيها موتانا": يحتمل أن المراد بذلك الصلاة عليها حينئذ، ويحتمل أن يكون على ظاهره من الدفن انتهى.
فإن قيل: إذا كان المراد من قوله: "وأن نقبر فيها موتانا": أن نصلي عليها في هذه الأوقات، فمن أي قبيل يكون هذا الكلام؟