قالوا: فلما كان من أدرك من العصر ما ذكر في هذه الآثار صار مدركًا لها؛ ثبت أن أخر وقتها هو غروب الشمس، وممن قال ذلك: أبو حنيفة، وأبو يوسف، ومحمد -رحمهم الله-.

ش: أشار بهذا الإسناد إلى أن مذهب طائفة من الفقهاء أن آخر وقت العصر هو غروب الشمس، وأن الذي يؤخر صلاة العصر عن صيرورة ظل كل شي مثليه غير مفرط.

وأراد بالقوم هؤلاء: أبا حنيفة وأبا يوسف ومحمدًا وزفر بن الهذيل ومالكًا في رواية ابن وهب؛ فإنهم قالوا: آخر وقت العصر هو غروب الشمس، واحتجوا في ذلك بحديث أبي هريرة وعائشة - رضي الله عنهما -؛ لأنه - عليه السلام - قال: "من أدرك ركعة من العصر أو ركعتين قبل أن تغرب الشمس، صار مدركًا لها".

فثبت بذلك أن آخر وقتها هو غروب الشمس؛ لأن معنى قوله - عليه السلام -: "فقد أدرك" أي وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي أو أسلم الكافر أو أفاق المجنون أو طهرت الحائض، تجب عليه صلاة العصر ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يتسع فيه الأداء، وكذلك الحكم قبل طلوع الشمس.

فإن قلت: قيد في الحديث ركعة فينبغي أن لا يعتبر أقل منها.

قلتُ: قيد الركعة في الحديث خرج مخرج الغالب؛ فإن غالب ما يمكن معرفة الإدراك به ركعة ونحوها، حتى قال بعضهم من الشافعية: إنما أراد رسول الله - عليه السلام - بذكر الركعة البعض من الصلاة؛ لأنه قد روي عنه: "من أدرك ركعة من العصر"، و"من أدرك ركعتين من العصر"، و"ومن أدرك سجدة من العصر"، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرة في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمن أدركها فكأنه أدرك ركعة.

فإن قيل: المراد من السجدة: الركعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015