فقد سئلت عائشة رضي الله عنها عن خلق الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقالت: "كان خلقه القرآن" (?)، والخلق الصفة الثابتة الراسخة، وإذا تفكر المسلم في شأنه وحاله وجد أنه يعرف سبيله وطريقه: في عقيدته، وإرادته، وأعماله القلبية: من الخوف، والرجاء والرغبة، والرهبة، والحب والبغض، كما يعرف ما يأخذ وما يدع من أعمال، وما يقوم به من عبادات تجاه ربه، بل يعلم سبيله في كثير مما يدخل في العادات من طعام ولباس ونكاح ومسكن واجتماع وافتراق ... الخ.

وقد بلغ من دقة هذا السبيل الذي أعيناه أسلوب حياة الأمّة أن المسلم عندما يتنقل في ديار الإسلام لا يشعر بالغربة مهما نأت به الديار، ذلك أن سبيل المؤمنين في عقائدهم وتصوراتهم وأفكارهم وعباداتهم وأعمالهم سبيل واحد.

وفي ظلال هذه الصبغة الإلهية التي تحيط بالأمّة الإسلامية تتربى الأجيال، فتتشرب الأسلوب الذي تحيا به الأمّة، فيتربى الناشئة على الإسلام وتعاليمه وآدابه وأخلاقه.

2 - اتساع آفاقها:

الثقافات الإنسانية ثقافات ضيقة، يعيش أفرادها في إطار ضيق من الحياة الدنيا، أمّا الثقافة الإسلامية فآفاقها رحبة واسعة، وقد عبر عن هذا المعنى موفد المسلمين إلى قائد جيش الفرس، حيث قال له مبينا الهدف الذي خرجوا من أجله: "الله ابتعثنا لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015