الدول في العالم تقوم على أساس قومي أو جغرافي أو عرقي، أما الدولة في الإسلام فهي دولة العقيدة والفكرة، فالرابطة التي تجمع أبناء الدولة الإسلامية هي الرابطة الإسلامية، بغض النظر عن الوطن أو الجنس أو اللون، وهذا هو الرابط الراقي الذي يناسب كرامة الإنسان، وهو الاعتبار المناسب لموقع الإنسان، والفروق بين البشر في اللون والجنس والأوطان، فروق شكلية، لا توجب اختلافًا ولا تناحرًا، أما المبادئ والمعتقدات فهي التي توجب لقاء وفرقة، وفي ظل هذه الدولة التي هي دولة القيم، تنمو الفضائل والمكارم، لزوال العوائق التي تقف في طريقها {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [سورة الحجرات: 13].
الحكومة الإسلامية حكومة عالمية، لأن عقيدتها عالمية، ورسالتها عالمية أيضًا، ورسولها رسول عالمي، وقد تحقق هذا خلال التاريخ الإسلامي حيث كانت الدولة الإسلامية تحكم مساحات شاسعة من الأرض، وتحكم أممًا شتى، وكانت الأمم المختلفة تشارك في الحكم، بل إن غير العرب قد تقلدوا أعظم المناصب في الدولة الإسلامية، وخضع لهم العرب أنفسهم.
الشورى في الدولة معلم واضح بيّن من معالمها، وتقترب الدولة من الإسلام كلما كثرت الشورى من حكامها وولاتها في مختلف شؤونها، وتبتعد عن الإسلام إذا ما أبرمت أمورها برأي الأفراد، ولم يقف التوجيه القرآني عند أمر الرسول