كل الشرائع التي أنزلها الباري اهتمت بالأسرة اهتمامًا كبيرًا، ونستطيع أن نقول: إن الأسر بمثابة الخلايا التي تكون جسم المجتمعات الإنسانية، وهي التي تقيم الروابط والعلائق بين أبناء المجتمع الواحد، {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا} [الفرقان: 54].
ولا يتصور أن تقوم الحياة الإنسانية على استقامة إذا هدمت الأص، وتقطعت العلائق التي تقيمها الأسر بين بني البشر، والذين ينادون بهدم نظام الأسرة، ويزعمون أنه نظام عتيق ينبغي الخلاص منه ضالون، وهما لا يريدون بالبشرية خيرا، وقد كانت دعوتهم ولا زالت صوتًا نشازًا على مرّ التاريخ الإنساني، فالشيوعية تدعو إلى شيوعية المال والنساء، وتحطيم الأسر، واجتثاث أصولها، ولكن دعوتهم لم تصادف نجاحًا، حتى في البلاد التي حكموها لا تزال الأسرة قاعدة المجتمع، ولا يزال رجالات الحزب في روسيا والصين يكونون الأسر ويتزوجون.
وفي مقابل هؤلاء زعم أقوام من الذين غلوا في العبد أن العلاقة الجنسية قذارة ووساخة، وزعموا أن الرجل المثالي هو الذي يترهبن ولا يتزوج، وأن المرأة المثالية هي التي تعزف عن الزواج وتتبتل، ولو رضيت البشرية بهذا المسار لانتهى الوجود الإنساني في هذه الأرض. إن هذه الدعوة تصادم الفطرة الإنسانية،