إلى التعلق بجميع العلوم، والخوض في سائر الفنون، فليس احتياجه إلى ذلك على حدّ سواء" (?).

وهو هنا يقرر أمرين:

الأول: أن كاتب الإنشاء ينبغي أن يكون آخذًا من كل علم بطرف.

الثاني: أن حاجته إلى هذه العلوم متفاوتة، وأهم هذة العلوم لكاتب الإنشاء علم اللغة.

وقد أصبحت كنب الأدب - في تلك العصور - محل عناية الفئة المثقفة من أبناء المسلمين خاصة أولئك الذين يطمعون في الوصول إلى ديوان الإنشاء، ولا يستننى عنه طالب علم يبغي تهذيب نفسه وتقويمها، وتوسيع آفاق فكره، يقول ابن قتيبة في مقدمة كتابه: "عيون الأخبار": "جمعت لك منها (أي الأخبار) ما جمعت في هذا الكتاب، لتأخذ تفسك بأحسنها، وتقومها بثقافها، وتخلصها من مساوئ الأخلاق، كما تخلص الفضة البيضاء من خبثها، وتروضها على الأخذ بما فيها من سنّة حسنة، وسيرة قويمة، وأدب كريم، وخلق عظيم، وتصل بها كلامك إذا حاورت، وبلاغتك إذا كتبت" (?).

وقد شبه الكتاب في فنون الأدب كتبهم التي صنفوها في هذا العلم بالمائدة التي حفلت بكل ما لذَّ وطاب: "وإنما مثل هذا الكتاب مثل المائدة تختلف فيها مذاقات الطعوم لاختلاف شهوات الآكلين" (?).

وفي لسان العرب: "الأدب الذي يتأدب به الأديب من الناس، سمي أدبًا، لأنه يؤدي بالناس إلى المحامد، وينهاهم عن القبائح" (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015