قال تعالى: {يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157].
وإذا كان منزل الشريعة متصف بالعدل المطلق - فإن شريعته لا بدَّ أن تكون كذلك متصفة بالعدل المطلق، فالأحكام الشرعية هي العدل، والعدل هو الشريعة الإسلامية، فلا تميل القواعد القانونية الشرعية إلى جانب الحاكم ضد مصالح المحكوم، ولا تعطي الرجال حقوقا بحيث تظلم النساء، ولا يمكن أن تخطئ المقدار المناسب للجريمة، لأن واضعها يتصف بالعلم المطلق الشامل سبحانه وتعالى.
يقرر علماء الشريعة بعد استقرائهم لأحكام الشريعة ونصوصها أن مقصد الشريعة الإسلامية تحقيق مصالح العباد على الوجه الأكمل، يقول ابن تيمية: "إن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها (?) "، ويقول سلطان العلماء العز بن عبد السلام: "والشريعة كلها مصالح، إما تدرأ مفاسد أو تجلب مصالح" (?).
وقد عالج الإسلام صلاح الإنسان بصلاح أفراده الذين هم أجزاء نوعه، وبصلاح مجموعه وهم النوع كله، فابتدأ الدعوة إلى إصلاح الاعتقاد الذي هو إصلاح مبدأ التفكير الإنساني، الذي يسوقه إلى التفكير الحق في أحوال هذا العالم، ثم عالج الإنسان بتزكية نفسه وتصفية باطنه، لأن الباطن محرك الإنسان