- و -
الْخَزَائِنِ وَقَدْ أَصْبَحَتْ فِي جُمْلَة الدَّفَائِن، اللَّهُمَّ إِلا أَلْفَاظًا نَدَرَتْ عَلَى أَلْسِنَةِ الشُّعَرَاءِ يَتَدَاوَلُونَهَا فِي أَغْرَاضِهِمْ مِنْ نَحْوِ التَّشْبِيبِ وَالاسْتِجْدَاءِ وَالْمَدْحِ وَالرِّثَاءِ هِيَ جُلّ مَا وَصَلَ إِلَيْنَا مِنْ رَشْحِ ذَلِكَ الْمَعِينِ الْمُتَدَفِّق، وَمَا أَقَلَّهُ ثَمَدًا لا يَقْصَعُ غُلَّة صَادٍ وَلا يُعِيدُ بِلَّة مَنْطِق وَمَا خَلا ذَلِكَ فَإِنَّ الْكَاتِبَ مِنَّا لا يَجِدُ إِلا هَذِهِ الأَلْفَاظ الْمُبْتَذَلَة وَالأَوْضَاع الْعَامِّيَّة وَقَدْ يُخْطِئُ غَرَضه مِنْهَا فَيَلْجَأُ إِلَى الْكَلِمَاتِ الأَعْجَمِيَّة فَضْلا عَنْ أَنَّهُ لا يُلْفِي لِلْمَعْنَى الْوَاحِدِ إِلا لَفْظًا لا يَتَعَدَّاهُ وَوَجْهًا مِنْ التَّعْبِيرِ لا يَجِدُ السَّبِيل إِلَى سِوَاهُ.
عَلَى أَنَّنَا لا نُنْكِرُ أَنَّ اللُّغَةَ فِي هَذَا الْعَصْرِ قَدْ انْتَعَشَتْ مِنْ عِثَارِهَا وَأَخَذَ الْمُتَأَدِّبُونَ فِي إِحْيَاء مَا دُرِسَ مِنْ مَعَالِمِهَا وَطُمِسَ مِنْ آثَارِهَا وَنَشِطَتْ هِمَمُهُمْ لِلطَّبْعِ عَلَى غِرَارِ الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَهْلِ هَذَا اللِّسَان وَتَحَدِّي كُبَرَاء الْكُتَّابِ فِي مَجَالِ الْبَلاغَةِ