ركب مستعجلين فركبت، فَإِذا أَنا بشموع وخدم، فأمروني بِالْحفرِ، فحفرت قبراً، وأدعوه تابوتاً، وعفيت عَلَيْهِ بِالتُّرَابِ، وأجالوا خيلهم عَلَيْهِ، تغويراً للموضع فانصرفوا. فَظَنَنْت أَنه كنز، فأسرعن فانتشته، وكشفت عَن التابوت فَإِذا فِيهِ رجل فَوضعت يَدي على أَنفه، فَإِذا هُوَ قريب من التّلف، فاستخرجته وأعدت التُّرَاب إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، واحتملته إِلَى منزلي. وَعَاد الْقَوْم حذرا أَن يكون قد تُنُبّه على مَا فِي التابوت، ونفضوا الصَّحرَاء الَّتِي كَانَ فِيهَا، فَلم يَجدوا أثرا وَلَا حسّاً لأحد، وَأَنا مشرف من منزلي أرى مَا يصنعون. فَلَمَّا أمنُوا مِمَّا توهمّوا انصرفوا. وترادّت نفس الرجل، فَسَأَلته عَن حَاله. فَقَالَ: أَنا مُحَمَّد ابْن جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عليّ بن الْحُسَيْن بن عليّ، رَضِي الله عَنْهُم، فَأَقَامَ عِنْدِي إِلَى أَن قويت نَفسه وتراجعت، ثمَّ شخص إِلَى الْعرَاق، ثمَّ إِلَى الْحجاز، وَظهر بِالْيمن، وبويع لَهُ بأمير الْمُؤمنِينَ، وَدخل مَكَّة، ثمَّ خرج على عَهدهم وَبَايع الْمُؤْمِنُونَ لِابْنِ أَخِيه عليّ بن مُوسَى بالعهد، فَخرج مُحَمَّد إِلَى الْمَأْمُون بخراسان. وأدركته منيته بجرجان، فاحتفرت لَهُ ودفنته، فَكَانَ بَين الدفنين عشر سِنِين. قَالُوا: كَانَت فِي عبد الصَّمد بن عليّ عجائب: مِنْهَا أَنه مَاتَ بِأَسْنَانِهِ الَّتِي ولد بهَا وَلم يثّغر وَكَانَت أَسْنَانه قِطْعَة وَاحِدَة. وَمِنْهَا أَنه كَانَ فِي قعدد يزِيد بن مُعَاوِيَة، هما فِي النّسَب إِلَى عبد منَاف سَوَاء. وَقَامَ على مِنْبَر قَامَ عَلَيْهِ يزِيد وَبَينهمَا مائَة سنة. وَحج بِالنَّاسِ فِي سنة مائَة وَسبعين وحجّ يزِيد بِالنَّاسِ فِي سنة خمسين وَبَينهمَا مائَة وَعِشْرُونَ سنة. وَمِنْهَا أَنه دخل سربا فِيهِ ريش فطارت ريشتان فلصقتا بِعَيْنيهِ فَذهب بَصَره. وَمِنْهَا أَنه كَانَ يَوْمًا عِنْد الرشيد، فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَذَا مجْلِس فِيهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ، وعمّه، وَعم عمّه وَعم عَم عَمه يَعْنِي سُلَيْمَان بن أبي جَعْفَر عَم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015