فأما حذف لام الفعل من " غد "، فكل ما كان على وزن " فعل " معتل اللام، ثم عبر به عن غير ما وضع له، فإنه وضع عن الحدث، فإذا زحزح عن أصل موضوعه وبقي فيه من المعنى الأول ما يعلم به أنه مشتق منه - فإن حذف لامه مطرد، ليكون النقص في اللفظ موازناً للنقص في المعنى، فلا يستوفي حروف الكلمة بأسرها إلا عند حصول المعنى بأسره.
وتأمل ذلك تجده في " غد " و " دم " و " يد " و " سم ".
وعلى ذلك كل هذه الأسماء نقص من لفظها بحسب ما نقص من المعنى الذي
عبر عنه بجملة حروف الكلمة. فهذا ما في " أمس " و " غد ".
فأما اليوم إذا كان ظروفاً فهو كالآن، استغنوا بلزوم الألف واللام له عن أن
يصفوه أو يضيفوه أو يسموه باسم علم غير هذا اللفظ، كما فعلوا (ذلك) بالنجم - أعني: الثريا -، وفي المدينة - أعني: مدينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفىِ غير ذلك مما ألزم الألف واللام عرفا واستحقاقاً، فكذلك اليوم (إذا أردت اليوم) الذي أنت فيه.
وكذلك الساعة والليلة، استغنوا بالمشاهدة ولزوم الألف واللام عن إلحاقهما بالأسماء الأعلام.
وهذا الصواب لا ما ذهب إليه من علل البناء في " أمس " بتضمن الحرف أو
مشابهته الحرف، فإن ذلك ينكسر عليهم في " غد " بما ليس لهم عنه مندوحة ولا صرف.