فصل
(في مواضع تصريف كلمة السلام)
إدخال " الألف واللام " على " سلام " يشعر بذكر الله سبحانه.
لأن السلام من أسمائه تعالى، ويشعر أيضاً بطلب معنى السلامة منه، لأنك متى ذكرت اسما من أسمائه ففد تعرضت لطلب المعنى الذي اشتق ذلك الاسم منه أيضاً.
ويشعر أيضاً - في بعض المواضع - بعموم التحية التحية وأنها غير مقصورة على المتكلم، فأنت ترى أنه ليس قولك: (سلام عليك) .
أي: " سلام مني "، بمنزلة قولك: السلام في العموم. فقف على هذا الأصل تلح لك أسرار كثيرة، منها: إِجماع الأمة على أن
السلام من الصلاة بالألف واللام، إذ الصلاة كلها ذكر لله - تعالى - فلا يدخل فيها إلا باسم من أسمائه، قال الله سبحانه: (فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ) ، فسبح من " السبحة "، وهي الصلاة.
وكذلك لا يخرج منها إلا باسم من أسمائه، وهو السلام معرفاً بالألف واللام، فاجتمع فيه الذكر والتحية معاً.
ومن أسرار هذا الفصل أيضاً حذف الألف واللام في القرآن من قوله تعالى:
(سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ) و (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ) ، لاستغناء هذه المواطن عن
الفوائد الثلاث التي تقدم ذكرها في " الألف واللام "، لأن المتكلم ههنا هو الله
سبحانه فلم يقصد تبركا بذكر الاسم الذي هو السلام، ولا تعرضاً وطلباً كما يقصده العبد، ولا عموما في التحية منه ومن غيره، لأن سلاماً منه - سبحانه - كاف من كل سلام، ومغن عن كل تحية، ومرب على كل أمنية، فلم يكن لذكر " الألف واللام " معنى ههنا، كما كان لها في قول المسيح - عليه السلام -: (وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ) ، لأن هذا العبد الصالح يحتاج كلامه إلى هذه الفوائد الثلاثة، وأوكدها
كلها العموم، لأنه مستحيل أن يقع سلامه على نفسه خاصة، ويبعد أيضاً رغبته عن ذكر مولاه، وتركه التعرض لمعنى الاسم ومقتضاه!