مشتركين في صفة واحدة، إلا أن أحدهما متميز من الآخر ومنفصل منه بزيادة في تلك الصفة فمعنى التميز والانفصال الذي تضمنه أفعل هو الذي تعلق به حرف الجر وهو الذي يعمل في الحال الثانية، كما عمل معنى الفعل الذي تعلق به حرف الجر من قولك: " زيد في الدار قائماً " في الحال التي هي قائما.
فإن قيل: فهلا أعمل فيهماجميعا ما في " أطيب " من معنى الطيب؟.
قلنا: لو تجرد ما فيه من معنى الطيب من معنى التفضيل فقلت:
" هذا طيب بسراً " لم يصح عمله إلا في حال واحدة، لأن الفعل الواحد لا يقع في حالتين ولا في ظرفين لا تقول: " زيد قائم يوم الجمعة يوم الخميس ".
فإن قلت: " زيد أقوم يوم الجمعة منه يوم الخميس "، جاز، لأن العامل في أحد اليومين غير العامل في اليوم الثاني، لأنك فضلت حين قلت: " أقوم "، قياماً على قيام آخر، وفضلت حالاً من حال بمزية وزيادة.
وكذلك حين قلت: " هذا بسر أطيب منه رطباً ".
وليس يجوز أن يعمل عامل واحد في حالين ولا ظرفين، إلا أن يتداخلا ويصح الجمع بينهما نحو قولك:، زيد خارج يوم الجمعة ضحوةا ".
لأن الضحوة في يوم الجمعة.
وكذلك " سرت راكباً مسرعاً "، ولو قلت: " مسرعاً مبطئأ "
لم يجز، لاستحالة الجمع بينهما وكذلك: " بسراً " و " رطبا " يستحيل أن يعمل فيهما عامل واحد، لأنهما غير متداخلين كما سبق.
وفد فرغنا من السؤال الثاني.
وأما السؤال الثالث، وهو عن صاحب الحال ههنا، فإن الاسم المضمر في
" أطيب " الذي هو راجع على المبتدأ من خبره هو صاحب الحال الأول، فبسراً حال منه، و " رطباً " حال من الضمير المجرور بمن وان كان المجرور بمن هو المرفوع المستتر في " أطيب " من جهة المعنى، ولكنه تنزل منزلة الأجنبي، ألا ترى أنك لو قلت: " زيد قائماً أخطب من عمرو قاعداً،، لكان قاعداً " حال من الاسم المخفوص بمن - وهو عمرو - فكذلك (رطبا) حال من الاسم المضمر المجرور بمن.