قلت: قد علمت الخبر لكن زيد، لم يدر ما تضيف إلى زيد، أظن أم شك أم غفلة أم جهل؟ فلم يكن بُدٌّ من جملة قائمة بنفسها ليعلم ما تريد، فإذا تقدم النفي نحو قولك: ما علمت الخبر لكن زيد، اكتفىِ باسم واحد، لعلم المخاطب أنه لا يضاد نفي العلم إلا وجوده، لأن النفي يشتمل على جميع الأضداد المنافية للعلم.
* * *
فإن قيل: ولم إذاً خففت " لكن " وجب إلغاؤها، بخلاف " إن " و " أن "
و" كأن " فإنه يجوز فيها الوجهان مع التخفيف، كما قال:
كأنه ظبية تعطو إلى وارق السلم؟
قلنا: زعم الفارسي أن القياس فيهن كلهن الإلغاء إذا خففن، ولذلك ألزموا
" لَكِن " إذا خففت الإلغاء، تنبيها على أن ذلك هو الأصل في جميع الباب.
وهذا القول مع ما يلزم عليه من الضعف والوهن ينكسر عليه بأخواتها، فيقال له: فلم خصت " لكن " بذلك دون " إن " و " أن " و " كأن "؟
ولا جواب له على هذا.
وإنما الجواب في ذلك إنما لما كانت مركبة من " لا " و " إن " ثم حذفت الهمزة
اكتفاء بكسر (الكاف) ، بقي عمل (إن) لبقاء العلة الموجبة للعمل، وهى فتح
آخرها، وبذلك ضارعت الفعل، فلما حذفت النون المفتوحة وقد ذهبت الهمزة للتركيب، ولم يبق إلا النون الساكنة - وجب إبطال حكم العمل بذهاب طرفيها وارتفاع علة المضارعة للفعل، بخلاف أخواتها إذا خففن، فإن معظم لفظها باق،