دخلت " ثم " لترتيب الكلام، لا لترتيب المعنى في الوجود.

وأما قوله تعالى: (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) .

فالفاء على أصلها من التعقيب، وإن كانت الاستعاذة قبل القراءة، إلا أن العرب تخبر بالفعل عن ابتدائه تارة، وتعبر به عن انتهائه والفراغ منه أخرى، فعلى هذا يكون معنى (قرأت) في الآية: أي شرعت في القراءة.

وأخذت في أسبابها.

ونحو منه ما جاء في الحديث من قوله:

" فصلى الصبح حين طلع الفجر " يريد ابتداء الصلاة.

وأما قوله: ثم صلاها من الغد بعد أن أسفر يريد الفراغ منها.

وحديث ابن عباس - رضي الله عنهما - في إِمامة جبريل: صلى الظهر حين زالت الشمس، معناه ابتداء الصلاة.

وأما قوله: (وصلى العصر حين صار ظل كل شيء مثله)

فيحتمل أن يكون عبر بالفعل عن ابتدائه، أو عن الفراغ منه.

ومن ههنا نشأ الخلاف بين الفقهاء في دخول الظهر على العصر، والعصر على الظهر.

* * *

مسألة

وأما " حتى " فموضوعة للدلالة على أن ما بعدها غاية لما قبلها، وغاية كل شيء حده، ولذلك كان لفظها كلفظ الحد: " حاء " قبل تاءين.

والحد: حاء قبل دالين، والدال كالتاء في خرجها وشدتها، لا تفارقها إلا في الجهر، فكانت لقوة الجهر أولى بالمعنى القوي وهو الاسم والفعل.

و" حتى " حرف معناه في غيره لا في نفسه بخلاف الاسم، ومن حيث كانت

" حتى " للغاية خفضوا بها كما يخفضون بـ (إلى) التي لانتهاء الغاية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015