وأما " عدو " فيقع للواحد والاثنين والجمع، لأنه - والله أعلم - بمنزلة ما جرى من المصادر على فعول: كالولوع والقبول، فلذلك لم يثن ولم يجمع، قال الله سبحانه: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ) .
وقد يجوز أيضاً أن يكون أعداء (جمعاً) لعدو، على تقدير حذف الحرف لا
الزائد، فيكون كالثلاثي المجموع على أفعال، يقوي ذلك أنهم قد قالوا في المؤنث: " عَدوَّة الله ".
ولو كان مصدراً ما ساغ فيه ذلك، والوجهان متكافئان في القياس
والنظر، وبالله التوفيق.
وأما " الجزر " فيجمع " جزوراً " وهي فعول بمعنى مفعول.
وقد كان قياسه أن يكون بهاء التأنيث كالحلوبة والركوبة، ولكنهم جعلوه اسماً مخصوصاً بالإبل دون غيرها، فضعف الاعتماد على الفعل، الذي هو الجزر، وسار الاسم الذي لا ضمير فيه، فلم تدخله تاء التأنيث، إذ لا يؤظط في الصفات إلا ضمائرها، ولا في الأفعال إلا فاعلوها.
وسيأتي بيان ذلك.
وقد مَرَّ منه أصل في باب الفاعل والمفعول.
فإن قيل: ما الحكمة في ثخصيص " النازلين " بالنصب على الإضمار، ورفع
" الطيبين "؟ وهل ذلك لمعنى؟ أو الحكم فيهما سواء؟
فالجواب: أن القطع في " النازلين " بنصبه على الإضمار أولى، والرفع في
" الطيبين " أولى من النصب، لأن معه واو العطف، فصار في حكلم المعطوف على " سم العداة " و " آفة الجزر "، وليس في " النازلين " واو تشركه مع ما قبله في الرفع، فكان أولى بالنصب ومخالفة الإعراب.
فإن قيل: فهلا أدخل الواو على " النازلين " دون " الطيبين "، أو أدخلها عليهما معا؟
فالجواب: أن " واو " العطف وضعت لتعطف الشيء على غيره، لا لتعطف
الشيء على نفسه، فإذا تغايرت معاني الصفات حسن العطف، كقولك: الكاتب والشاعر.