فخرج من مضمون ما قلناه أن النعت قسمان: صفة معنوية، وصفة نفس، وأن الصفة الفعلية نحو: رجل قائم، معنوية (أيضاً) ، لأن الفعل حركة كما تقدم.
وثم قسم ثالث، وهو النعت المنبئ عن الكثرة والجمع، وذلك ليس بصفة
تقوم بالمنعوت، كقولك: رجل طويل، لأن الطول ينبئ عن كثرة أجزاء، ومال كثير وبيت كبير، وأشباه ذلك.
وجميع ما تقدم من أقسام النعوت يختص بالجواهر دون الأعراض، إلا النعت
المنبئ عن الكثرة والزيادة في الأدوات، فلا يكون في الجواهر والأعراض، تقول:
علم كثير وحركة سريعة، وهو مجاز، لأن سرعة الحركة راجع في التحقيق إلى حركات كثيرة متواليات. نعم، وقد يوجد في كلام نعت الأعراض بالصفات النفسية نحو قولهم: سواد شديد، وبياض ناصع، وحمرة قانية، وحرارة شديدة إلا أن هذه
النعوت راجعة عند الأشعرية إلى كثرة الأجزاء المتصفة بها، وليست عندهم
كصفات الألوان ولا الأعراض، لا معنوية ولا نفسية.
وذهب غيرهم من المنطقيين إلى أنها صفات نفسية وعبروا عنها بالكيفيات
وإلى هذا القول ذهبوا، فما تميز سواد من سواد، ولا بياض من بياض حتى صارت أنواعاً مختلفة إلا بصفات ذاتية وأحوال نفسية، وهي الكيفيات، ولكن اللغات ضاقت عن وضع ألقاب لجميع أنواع الأعراض، فرجعت إلى وصفها بما هو مجاز في حقها، أو بتمييز بعضها من بعض بالإضافة إلى جواهرها، كقولهم: رائحة مسك، ورائحة تفاح.
فنعوت الجواهر ثلاثة أقسام سوى الصفة النفسية، ونعوت الأعراض ثلاثة:
صفة نفسية وصفة نفي بهو لا حادث، وصفة تنبئ عن كئرة ذوات وليست بصلة في الحقيقة، وإنما الصفة في الحقيقة ما يضاف إلى ذات واحدة.
وأما صفات الباري - سبحانه - فلا نرى أن نسميها نعوتاً، تحرجا من إطلاق هذا اللفظ لعدم وجوده في الكتاب والسنة.
وقد وجدنا لفظ الصفة في الصحيح،