فإن قيل: فالاسم الأول كان أحق أن يسمى نعتاً، لأنه المنعوت في الحقيقة.
والثاني انما هو منعوت به؟
فعن ذلك جوابان:
أحدهما: أن الاسم الثاني الذي هو نحو " عاقل " و " عالم " هو المقصود ببيان
أحكامه، فوقعت التسمية عليه.
الجواب الثاني: - وهو التحقيق -: أن اللفظ الدال على المعنى هو النعت
على الحقيقة في هذا الباب، لأنه فعل الناعت، دون المعنى الذي يعبر عنه، وذلك في ألفاظ النحويين كثير، إذ من ألقاب النحوية ما هو نفس العبارة في الحقيقة، كقولهم: تمييز، وتوكيد، بأن هذه كلمات هي أنفس العبارة، فهي مصادر على الحقيقة، وليس كذلك الظرف والفاعل والمفعول، فإنها واقعة على المسميات والمعاني المعبر عنها، ألا ترى إلى قول أبي القاسم:
فالاسم ما جاز أن يكون فاعلًا أو مفعولًا.
يريد الشخص المسمى لأنه الفاعل دون اللفظ.
ثم قال: أو دخل عليه حرف من حروف الخفض.
والخفض لا يدخل على المسمى ولكن على اللفظ الذي هو
الاسم.
* * *
فصل
(في أقسام النعت)
النعت في المحدثين يكون بالصفة المعنوية نحو: عاقل وعالم، وبصفة في
معنى النفي كقولك: واحد وظاهر، لأنها، لا تدل على معنى زائد موجود في نفس المنعوت، وإنما تدل على نفي شيء عنه.
ويكون بصفة فعلية، إلا أنها الفعل في المحدثين راجع إلى الصفة المعنوية، لأن الفعل منهم هو حركة الفاعل، والحركة معنى في الذات، بخلاف أفعال الباري - سبحانه - فإنها ليست بحركة فاعل.
وإنما هي في غيره لا في نفسه.
وأما الصفة النفسية نحو فولك: " جوهر متحيز " و " جسم متألف " فلا تجدها نعتاً في كلام العرب، لأن المخاطب إن عرف النفس
المنعوتة فقد عرف صفاتها النفسية، فاستغنى عن النعت، وإن لم يعرفها أخبر بما فيها حتى يعرفها.